تفشّي وباء كورونا، لم يمثلّ أزمة صحيّة فحسب حيث يرى مراقبون أنّه كشف عن “فشل أخلاقي” للعالم، وذلك من خلال “صراع اللقاحات” بين الدول الكبرى التي تتسابق منذ أشهر لإنتاج مضاد لكوفيد-19 على حساب الدول الضعيفة والفقيرة.
فرغم إحداث مبادرة “كوفاكس” العالمية التي ترمي إلى العمل مع مصنّعي اللقاحات من أجل تمكين البلدان في مختلف أنحاء العالم من الحصول على لقاحات آمنة وفعالة، بقي التفاوت واضحا وجليا من خلال الأرقام الرسمية التي تثبت سهولة النفاذ إلى “العدالة الصحية” بالنسبة للدول العظمى فيما لا يزال آخرون ينتظرون دورهم لإنقاذ أرواح ملايين الشعوب.

“تونس لا يمكننها تصنيع اللقاح”!

في هذا الصدد، أوضح مستشار منظمة الصحة العالمية في تونس الدكتور سهيل العلويني لـ”JDD”، اليوم الثلاثاء 9 فيفري 2021، أنّ الإشكال لا يمكن فقط في حماية الملكية الفكرية للمخابر المصنعة، بقدر ما يتعلق بإمكانيات الدول النامية، التي من بينها تونس، في تصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا حتى لو تحصلت على التركيبة.
وأوضح العلويني إن تصنيع اللقاح يتطلب تكنولوجيا عالية الدقة خاصة فيما يخص اللقاحات التي تحتوي على جزء من الحمض النووي للفيروس RNA، مؤكدا أن تونس لا تمتلك هذه التقنيات في مخابرها.
وأضاف أن إمكانيات تونس حاليا لا تسمح لها سوى بالتكفل بالجزء الأخير من التصنيع المتعلق بالتعبئة، حيث يتم اقتناؤه في شكله السائب ثم تتولى تونس وضعه في الأوعية المناسبة.
وأشار إلى الهند مثلا تصنّع بعض الأنواع على أراضيها لامتلاكها القدرة التكنولوجية وهو مجال ما زالت تونس متأخّرة فيه موضحا أنّ الأمر لا يتعلق بالإمكانيات المادية واللوجيستية فحسب لأن القوى العظمى في المقابل، لن تسلّم عصارة بحوثها التي تعتبرها أحد أهم عناصر هيمنتها وقوتها، وفق قوله.
وأكّد محدّثنا أن مستوى البحث العلمي في تونس متدهور بسبب سياسات الدولة التي لا تخصص له ما يكفي من الاعتمادات في حين أن البلاد تزخر بالكفاءات العلمية والتي تظهر عند هجرتها إلى مراكز البحوث العالمية مضيفا أنّ العبقرية وحدها لا تكفي، حسب تعبيره.

استغلال الكوارث الإنسانية

قال عضو “المبادرة الشعبية للتصدي لوباء كورونا” الدكتور بولبابة مخلوف لـ”JDD”، إنّ كبرى الشركات ومن ورائها كبرى الدول اسغلت الوباء للقيام بممارسات احتكارية فهي التي تحدد ثمن بيع اللقاحات في غياب المنافسة على السوق في حين أن الحكومات مضطرة لاقتنائه مقابل أي كلفة بهدف إنقاذ أرواح ملايين البشر وبالتالي إنقاذ اقتصادها من الانهيار.

وأضاف أنّ الدول الرأسمالية الغربية أصبحت تتطاحن من أجل تحقيق سبق تجاري في إنتاج التلاقيح, واستغلال ذلك في تحقيق مكاسب اقتصادية وأخرى سياسية لحكوماتهم.

وصرّح محدّثنا أنّ أممية الوباء تجعل المعالجة بالضرورة أممية، تتخطى الحدود والدول والأديان والإثنيات مقابل هوية واحدة عنوانها “البقاء” فأمام الخطر الداهم لا يمكن البقاء للإنسانية دون التعاون، وفق تعبيره.

وبين أن أزمة كورونا ليست سوى فصلا جديدا من فصول استغلال قوى الهيمنة للشعوب الضعيفة والاستثمار في المآسي والكوارث الإنسانية لتحقيق الكسب والربح المادي.

يشار إلى أنّ الغموض ما زال يلف هذه الجائحة إذ لم يقع الكشف عن مصدرها الحقيقي، وهل هو طبيعي أم مصطنع، أو جزء من حرب بيولوجية تدور رحاها بين أقطاب الدول الكبرى.