تغيب اليوم الإحصائيات التي ترصد تأثير الموسيقى والفنون التشكيلية على ذهنية المجتمع وعلى الطبقة السياسية في تونس، حيث تنعدم الأرقام في هذا المجال سواء من وزارة الثقافة أو مؤسسات سبر الآراء.

يعرف الصحفي والناقد السينمائي خميس الخياطي الفن بأنه وظيفة نبيلة نابعة من الطبيعة، وهي مبنية كذلك على رؤية مجتمعية وثقافية للدولة، حيث يعتبر أن وظيفة الفن تتمثل في المعارضة ولا يمكن أن يكون تابعا للمؤسسة أو للدولة، وإلا يصبح الفن موظفا من قبل السياسية. 

ويضيف الخياطي لـ”JDD” أن الفن ليس له تأثير مباشر على السياسيين في تونس، مثل أغاني الراب التي تحمل رسائل واضحة لكن أظن أن السياسيين ليس لديهم حس فني للاستماع إليها، لذلك فإن هناك هوة كبيرة بين الطبقة السياسية والمجتمع”

ويشير الخياطي إلى أن السينما التونسية تنتقد المشهد السياسي من خلال الأفلام السينمائية على غرار أفلام كوثر بن هنية ومؤخرا فيلم “الرجل الذي باع  ظهره” الذي يحاكي الأحداث السياسية بعيدا عن الدغمائية.

هل يستطيع الفن تغيير المجتمع؟

صبري مصباح، ياسر الجرايدي، أمال مثلوثي، ظافر يوسف ،بديعة بوحريزي ولبنى نعمان وغيرهم الكثير… فنانون طرحوا مشاريعهم الموسيقية كبديل حقيقيّ للتيار السائد عبر مزج الروك والريغي والفانك بموسيقى البوب العربية وإيقاعاتها ومقاماتها الكلاسيكية.

من جهته أكد الفنان ياسر الجرادي لـ ”JDD”  علاقة الفن بالسياسة في تونس، بداية من الستينات مع ظهور مجموعات موسيقية ملتزمة مثل “البحث الموسيقي”  و”الحمائم البيض”، إضافة إلى فنانين من أبرزهم “الهادي قلة” و “حمادي العجيمي” الذين قدموا أغاني مختلفة، وأوضح أن هذه الأغاني تطرح مواضيع تهتم بمشاكل البسطاء وقضايا العمال، وحسب تعبيره فإن هذا التوجه قادر على إنشاء وعي سياسي لدى المتلقي من خلال دعوته إلى التفكير والنقاش.

وقال الجرايدي أن “الأغنية الملتزمة ساهمت في نشر الوعي السياسي لدى الشباب قبل الثورة، من خلال الكلمة التي تحث المتلقي على التفكير والشك وطرح الأسئلة، ما يدفعه إلى الدفاه عن حقه ونبذ الظلم”.

من جانبه يرى الباحث في علم الاجتماع زهير عزعوزي أن للفن دورا رئيسيا في الحياة السياسية، وقد شهد الفن الملتزم تطورا بعد ثورة 14 جانفي 2011 من خلال ظهور أنمطة جديدة في “الصلام” والراب وفن الشارع خاصة “الغرافيتي”.

وأضاف العزعوزي أن عديد الفنانين في تونس اشتغلوا على تغيير المشهد السياسي من خلال نقد الواقع السياسي، خاصة الكوميدي رؤوف بن يغلان الذي ساهم بدرجة كبيرة في معالجة الوضع السياسي بفيديوهات منذ 2011.

وفي السنوات الماضية مع تزايد تأزم الأوضاع السياسية برزت عدة مشاريع فنية جديدة ومبتكرة فرضت نفسها على المشهد الفني البديل لتعزز دور الفن في التغيير السياسي.