أكد رئيس وحدة الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري، الإثنين 8 فيفري 2021، أن القضاء الإداري تلقى مراسلة رسمية من رئاسة الحكومة بخصوص استشارة حول التركيبة الحكومية في علاقة بالتحوير الوزاري الأخير ومسألة اليمين الدستورية.

وتمت تزكية الوزراء المقترحين في التحوير الوزاري الأخير الذي أعلن عنه رئيس الحكومة هشام المشيشي، من قبل مجلس نواب الشعب في جلسة عامة يوم 26 جانفي 2021، فيما لم يتم إلى حدّ الآن دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين أمام رئيس الجمهورية.


الوظيفة الاستشارية ليست غريبة على القضاء الإداري

ويرفض رئيس الجمهورية قيس سعيد، الإشراف على موكب آداء وزراء المشيشي لليمين الدستورية، بدعوى شبهات تضارب مصالح طالت عددا منهم، مما خلق أزمة دستورية فلا يمكن للأعضاء الجدد للحكومة مباشرة مهامهم الرسمية دون آداء اليمين الدستورية.

ووفق الغابري فإن المراسلة التي وجهها المشيشي إلى القضاء الإداري تأتي في إطار الوظيفة الاستشارية للمحكمة الإدارية، بالإضافة إلى وظيفتها القضائية، بمقتضى أحكام الفصل الرابع من القانون المتعلق بالمحكمة الإدارية، الذي ينص على أنه يمكن للحكومة استشارة القضاء الإداري في عدد من مشاريع الأوامر الحكومية، كما يستشار أيضا في كافة المواضيع التي يحيلها إليه كل من الحكومة والبرلمان.

وتتعهد المحكمة الإدارية بالاستشارة في إطار إبداء الرأي دون أن يكون رأيها ملزما ويمكن للحكومة أن لا تتبناه أو تقوم بتجاوزه.

وبين الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية أن الوظيفة الاستشارية ليست غريبة على المحكمة الإدارية، وسبق للقضاء الإداري التعهد بإبداء رأيه في حكومة تصريف الأعمال ووظيفتها مع حكومة علي العريض.

“عبث” سياسي وقانوني

لكن من جهة أخرى فإن هناك إشكالا قائما فيما يخصّ توجّه المشيشي لاستشارة المحكمة الإدارية من أجل الحصول على رخصة ليتمكن وزراؤه الجدد من مباشرة أعمالهم دون أداء اليمين الدستورية، فقد اعتبر أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الثلاثاء 9 فيفري 2021، أنه بناء على الفصل 116 من دستور 27 جانفي 2014 والفصل الـ 4 من القانون الأساسي عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أوّل جوان 1972 المتعلّق بالمحكمة الإدارية، فإن القول بعرض رئيس الحكومة هشام المشيشي مسألة إمكانية مباشرة الوزراء الذين لم يؤدوا اليمين الدستورية لمهامهم، بعد استشارة المحكمة الإدارية، عبث سياسي وقانوني.

ووفق محدثنا، فإن الفصل 116 من دستور 27 جانفي 2014، نصّ على أنّ القضاء الإداري يتكون من “محكمة إدارية عليا ومحاكم إدارية استئنافية ومحاكم إدارية ابتدائية، ويختص القضاء الإداري بالنظر في تجاوز الإدارة لسلطتها وفي النزاعات الإدارية كما يمارس وظيفة استشارية طبق القانون”، وإلى حين تركيز كامل الجهاز القضائي الإداري يتواصل العمل بأحكام القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في 1 جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية والقوانين المنقحة له خاصة قانون 3 جوان 1996.

وحول الاختصاص الاستشاري للمحكمة الإدارية الذي نصّ عليه الفصل 4 من القانون الأساسي عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أوّل جوان 1972 المتعلّق بالمحكمة الإدارية، بين محدثنا، أن استشارة المحكمة الإدارية تتمّ وجوبا بشأن مشاريع الأوامر ذات الصبغة الترتيبية.

وتستشار المحكمة الإدارية حول مشاريع النصوص الأخرى وبوجه عام حول كافّة المواضيع التي تقتضي الأحكام التشريعية أو الترتيبية مشورتها أو التي تعرضها عليها الحكومة لإبداء الرأي فيها ويحال نصّ كل استشارة متعلّقة بمشروع قانون أو بمشروع مرسوم على مجلس النواب.

القانون الإداري ليس بقانون دستوري

من جهته اعتبر أستاذ القانون الدستوري محمد أمين محفوظ، في تدوينة على صفحته الرسمية على فايسبوك، أمس الإثنين 8 فيفري 2021، أن القانون الإداري ليس بالقانون الدستوري ولا يمكن للمحكمة الإدارية، في غياب نص دستوري صريح، إبداء رأيها في مسألة دستورية جوهرية تتعلق بنزاع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، مبينا أن النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ترفع طبقا للفصل 101من الدستور، إلى المحكمة الدستورية.

وسبق للمحكمة الإدارية أن أبدت الرأي بخصوص النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ولكن ليس بالاستناد إلى الفصل الـ 27 من القانون عدد 40 لسنة 1972المتعلق بالمحكمة الإدارية، وإنما طبق أحكام الفصل الـ 20 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في16 ديسمبر 2011 والمتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، وفق ذات المصدر.

وأشار المتحدث إلى أن مسألة التحوير الوزاري ليست مسألة قانونية جوهرية وإنما مسألة دستورية بحتة وعلى المحكمة الإدارية احترام دورها في النظر في جميع النزاعات الإدارية أو تقديم الاستشارات في مجال القانون الإداري.

ولا حجية لرأي المحكمة الإدارية على رئيس الجمهورية، لأن “رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها ويسهر على احترام الدستور” طبق الفصل 72 من الدستور والمسؤول عن الأمن القومي والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وفق محفوظ الذي حذر من ضرب مصداقية المحكمة الإدارية.