يقلم: ريم بالخذيري
حروب إسرائيل على فلسطين على مرّ التاريخ لم تكن تقليدية و لم تكن متكافئة بل انّ تسميتها بالاعتداءات و المجازر أقرب. فالاسرائيليون يدركون جيّدا ومنذ أن تمّ توطينهم في أرض فلسطين سنة 1948 بأنهم يقفون على رمال متحركة و أرحام لاتنجب سوى المقاومين الرافضين لهذا الوجود حتى غدا الفلسطيني مقاوم بالفطرة يمارس المقومة مثلما يمارس ديانته.
الخطر الحقيقي على بني صهيون
لاشكّ أن الجيش الإسرائيلي يعدّ الأسوء أخلاقا في العالم ولم يتلوث جيش مثله بدماء الأبرياء مثلما تلوثت يداه بل انّ أفعاله فاقت أفعال الجيش النازي بشاعة.وفي عقيدته التي رضعها من حليب الصهيونية فقتل الأطفال و تفجير الأرحام أهم من تفجير الأرض ومن هنا نفهم الاستهداف الهمجي و الممنهج و المركّز على قتل الأطفال و النساء فالاسرائيليون يدركون أن الخطر الحقيقي عليهم ليسوا المقومين الحاملين السلاح و انما الأطفال الذين سيحملون عقيدة المقاومة .
و الفلسطينيون بدورهم حريصون على جعل المقاومة فكرة قبل أن تكون فعلا لذا لاعجب في أن المجتمع الفلسطيني يعدّ من أكثر المجتمعات انجابا ان لم يكن الأكثر حيث كشفت آخر الاحصائيات أنه من المتوقع أن يبلغ عدد الأطفال دون 18 سنة منتصف العام 2023 في دولة فلسطين نحو 2.39 مليون طفل؛ منهم 1.22 مليون طفل ذكراً، و1.17 مليون طفلة أنثى، بما يعادل حوالي 44% من إجمالي السكان .ويتواجد 41% منهم في الضفة الغربية و47% في قطاع غزة.والبقية داخل الخط الأخضر.ومنهم 150 طفلاً أسيراً في سجون الاحتلال الإسرائيلي و56 طفلاً أستشهد خلال العام 2022.
ويظهر أيضا عدم التوازن عند المقارنة بين العنف الذي تمارسه إسرائيل تجاه الفلسطينيين وذلك الذي يوجهه الفلسطينيون تجاه إسرائيل؛ فمجمل القتلى ما بين الإنتفاضة الأولى من القصر بين 9 ديسمبر 1987 و 29 سبتمبر 2000 كان 18 اسرائيليا بينما قضى 281 قاصر فلسطيني على يد قوات الأمن الإسرائيلية و23 آخرون على يد مدنيين إسرائيليين في ذات الفترة .
أمّا في الفترة ما بين29 سبتمبر 2000 و 30 سبتمبر 2012 فقد قضى بالعنف الفلسطيني تجاه إسرائيل 129 قاصر على الجانب إسرائيلي، بينما تمّ قتل 1337 قاصر فلسطيني .
والملاحظ أن قتل الأطفال الفلسطينيين يعدّ سياسة ممنهجة كما قلنا في حين من قتل من القصّ الإسرائيليين كان في حوادث عرضية ليس هم المقصودين منها.
وهذا ما تؤكّده الأمم المتحدة التي أعلنت مؤخّرا أن الجيش الإسرائيلي قتل خلال شهر من حربه على قطاع غزة من الأطفال، بما يفوق عدد ا الذين قتلوا في 22 صراعا مسلحا حول العالم خلال 4 سنوات.
وتقول مؤسسات حقوقية إن الغارات الإسرائيلية تقتل في المعدل طفلا فلسطينيا كل 7 دقائق، في رقم غير مسبوق في التاريخ المعاصر.
مجتمع شاب مقابل آخر متهرّم
رغم الدعوات المتكررة و الاغراءات التي تطلقها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لاستقطاب مزيد من اليهود من العالم لخلق التوازن الديمغرافي مع الفلسطينيين .ورغم التشجيع الذي لامثيل له في العالم على انجاب الأطفال في إسرائيل فان ذلك لم يمنح اليهود ضالتهم .حيث تشير آخر الاحصائيات الرسمية من هناك الى نسق ضعيف للنمو السكاني والذي لا يتجاوز نسبة 1,9%، حيث ولد 180 ألف مولود، وهاجر إلى إسرائيل 32 ألفا، وبلغ عدد المتوفين 44 ألفا.فيما يبلغ ذات النسق في فلسطين 2,9% وهو ما يرعب إسرائيل المهووسة بالتفوق الديمغرافي على الفلسطينيين .
والمحصلّة أنّنا أمام مجتمعين واحد بصدد التهرّم و رغبة جل سكانه في مغادرته خوفا (عاد أكثر من 200 إسرائيلي الى بلدانهم الأصلية منذ 7كتوبر 2023) ومجتمع شاب متشبّث بأرضه ولم تنجح كل محاولات تهجيره .
ومن هنا نفهم سرّ إصرار الغارات الإسرائيلية على استهداف الأطفال و النساء و المستشفيات التي يولد بها الأطفال.
ونفهم ما معنى أن تكون الحرب على النسل قبل الحرث أولم يفعلها بنو اسرائيل من قبل وفق ما هو موثق في تواراتهم؟
ريم بالخذيري، رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط