سلّط مسلسل عربي يُبث على منصّة “ناتفليكس” العالمية، بعنوان “مدرسة الروابي الثانوية” الضوء على ظاهرة التنمّر بالوسط المدرسي، ورغم النجاح الملفت للعمل الدرامي غير أنّ حالة إنكار تسود مختلف النقاد والفاعلين الذين يعتبرون أنّ التنمّر ظاهرة لم تزر المجتمعات العربيّة، فماذا عن تونس؟

حالة إنكار للظاهرة

أظهرت إحصائيات أممية سنة 2017 أن من بين أكثر من مليار طفل في المدارس حول العالم، يتعرض ربعهم للعنف المعنوي والتنمّر وأحيانا الاعتداء المادي، وأن مراهقا واحدا من أصل ثلاثة مراهقين، في أوروبا وأميركا الشمالية تعرضوا للتنمر في المدارس، مرة واحدة على الأقل. وإن الأكثر عرضة لخطر التنمر هم في كثير من الأحيان من الفقراء أو الأقليات العرقية أو اللغوية أو الثقافية.

وبخصوص تونس، تقول الأخصائية النفسيّة ريم سوالميّة لـ”JDD Tunisie”، إنّ الجهات المعنيّة لا تملك إحصائيات دقيقة حول عدد الأطفال التونسيين الذين تعرّضوا للتنمّر لكن من خلال عدد العيادات التي تقوم بها لضحايا هذه الظاهرة يجب إطلاق ناقوس الخطر باعتبار أنّ الحديث حول هذا الموضوع مازال من التابوهات داخل الأسر فيما يجهل آخرون الأثر النفسي طويل المدى الذي يتركه التنمّر مما يجعلهم يقلّلون من أهمية تشكيات أبنائهم أو لا يتفطنون إلى علامات القلق النفسي التي تظهر عليهم.



ووفقا ليونيسيف فإنّ التنمر هو “أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ”.
وتضيف سوالميّة أنّ التنمر قد يكون صادرا أحيانا عن المعلمين الذين يتعمدون إطلاق النعوت على التلاميذ حسب شكلهم أو مظهرهم وفي هذا النوع يكون الأثر أشد باعتبار السلطة المعنوية للمربّي والتي تعطي نوعا من التأشيرة لبقية التلاميذ للتنمّر حتى يجعلو من زميلهم “تسلية”.

ناقوس خطر

في بعض الأحيان لا يستطيع الآباء إدراك الإشارات التي يقدّمها أبناءهم ضحايا التنمّر، لكن هناك علامات قويّة بمثابة ناقوس خطر خاصة عند اكتشاف آثار جسدية ليس لها سبب مقنع (مثل الجروح والكدمات) خاصة لو كانت متكررة، أو عندما يصبح الطفل لا يرغب في الذهاب للمدرسة أو التواجد في التجمعات الاجتماعية.

ويشدد المختصّ في التربية إبراهيم الريحاني على أنّ الطفل قد يتحدّث باستمرار عن إحساسه بالوحدة مع تغيّر واضح في سلوكه حيث يصبح أكثر عدوانية وعنفا أو انطوائيا، مضيفا أنّ ضحية التنمر قد يتحول إلى متنمّر إذ يحاول إسقاط مايحصل له داخل أسوار المدرسة على أشقائه الأصغر سنّا أو أفراد عائلته.