أعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي في ندوة يوم السبت 10 أفريل 2021، أنّه استجابة لطلب رئيس الجمهورية قيس سعيد، وتفاعلا مع الواقع الاجتماعي تم تعديل الإجراءات التي أعلنت عنها اللجنة العلمية مؤخّرا، حيث تم تغيير توقيت حظر الجولان ليصبح من الساعة العاشرة ليلا إلى غاية الخامسة صباحا.

وشدّد أنّ الوضعية الوبائية اليوم خطيرة جدا، بعد تسجيل تحكّم نسبي في مسار الوباء في الفترة الفارطة، وتسجل اليوم البلاد التونسية انتشارا كبير للعدوى وذلك نظرا لعدم التزام المواطنين بالإجراءات الواجب اتباعها.

وأمام تفاقم واستشراء الوباء، والوضعية الاقتصادية والاجتماعية تجد البلاد نفسها أمام خيارين وحلاهما مرّ.

المعادلة بين صحة التونسيين والوضعية الاقتصادية

يبدو أن شهر أفريل من أسوأ الفترات التي تمرّ بها البلاد التونسية، أمام استشراء وباء كورونا وتفاقمه ونفاد أسرة الإنعاش في العديد من المستشفيات، وذلك بالتوازي مع تدهور القطاع الاقتصادي والاجتماعي، وتذمّر القطاعات الخاصة التي صرّحت العديد منها أنها على حافة الإفلاس.

وفي نفس السياق أفاد رئيس الحكومة هشام المشيشي «لدينا نسيج اقتصادي ضعيف ويجب ألا نمنع عديد الفئات من العمل»، ليشدد على أن الحكومة تحاول خلق معادلة بين الأولوية المطلقة في الحفاظ على صحة التونسيين وبين المحافظة على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين حتى يتمكنوا من مجابهة هذا الوباء في ظروف ملائمة، لكن إثر تصريحه، تمّ إصدار قرارات وُصفت باللامدروسة وغير المراعية للظروف الصعبة التي تعيشها العديد من القطاعات مما دفع العديد من غرف المقاهي والمطاعم للتهديد بالدخول في عصيان مدني معللين رفضهم أنه “عندما تجوع البطون تذهب العقول” لاعتبارها إجراءات مجحفة ستتسبب في قطع أرزاق 100 ألف عائلة تعيش من القطاعين وفي إفلاس عشرات الآلاف من أصحاب المحلات.

فهل أن التهديد بالعصيان هي وسيلة الضغط التي دفعت بالتراجع عن الإجراءات؟ أم أن الدولة غير قادرة على احتواء التبعات الاقتصادية والاجتماعية للإجراءات الصحية؟

أفاد النائب في مجلس الشعب الحبيب بنسيدهم لـ “JDD” أنّ مكافحة الوباء واجب حكوميّ وكذلك شعبيّ وأن اللجنة العلمية كانت مطالبة بأخذ قرارات من شأنها أن تشمل الجميع وأن تراعي كل الفئات والطبقات الاجتماعيّة، ووصف بنسيدهم في كلامه القرارات التي تمّ اتخاذها بالجائرة والظالمة في حق أصحاب المقاهي الذين بدأوا للتو بالتعافي البطيء من إجراءات الغلق الأولى، وما وقع إقراره إبّان الندوة بمراجعة توقيت حظر التجول هو القرار الصائب، فهي بالأساس حلول اقتصادية، لكن قد تكون باهظة الثمن صحيّا، حسب تعبيره”.

قرارات قد تضع الوضع الوبائي على المحكّ


وبين الحفاظ على حياة المواطن التونسي واعتبارات أخرى كثيرة تضعها الحكومة نصب أعينها فإنها التجأت للأخذ بعين الاعتبار لهشاشة الوضعية الاجتماعية لعمال القطاع الخاص وتدهور أوضاعهم منذ بداية الأزمة الوبائية، لكن قد تكون الخطوة التي تم اتخاذها، خطوة إلى الخلف حسب ما عبّر عنها الطبيب”ياسين الكلبوسي”، والذي أفاد لـ”JDD” أن الإجراءات التي تم اتباعها سوف لن تتواصل طويلا، لأن الوضع الوبائي من المنتظر أن يكون أخطر في الأيام المقبلة، ووضّح أنه كان يعوّل أكثر على وعي المواطن وعلى التآزر الاجتماعي، وأنه كان من المنتظر أن تكون الدولة أكثر حرصا على صحّة الأفراد وتتّبع تمشيا يكون موازنا بين الوضع الصّحي والاجتماعي، وأضاف أنه ستكون الآن المسؤولية ملقاة على عاتق المواطن، فالكمامة والتباعد والتفاصيل البسيطة هي التي سيكون لها دور كبير في الحد من انتشار الفيروس، والوعي هو المفتاح.

كلاهما، المواطن والدولة شريكان في الوضع الحالي والخطر المستقبلي، سواء عبر التراخي والاستهتار وعدم الالتزام بالتعليمات أو غياب الردع في عدم الالتزام بالإجراءات والبنية التحتية المهترئة للصحة العمومية والعديد من القرارات غير الصائبة التي تمّ اتخاذها والتي كان لها بشكل مباشر أو غير مباشر دور في الوضع الذي تشهده البلاد التونسية اليوم.