تحيي تونس اليوم الإثنين 8 مارس، كسائر دول العالم، اليوم العالمي للمرأة وسط “إشادة” بروتوكوليّة بالمكانة التي تحظى بها المرأة التونسية وبما تتمتع به من حقوق عامة وخاصة.
لكن النظر في التشريعات ومدى تطبيقها، ووضعية الحريات الفردية، يجعلنا نتساءل عن حقيقة هذه المكانة.

فلنتواضع!

صرّحت رئيسة الاتّحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجريبي لـ”JDD”، اليوم الاثنين 8 مارس 2021، أنّ التونسيات لسن في مكانة متقدّمة، حتى على المستوى التشريعي مضيفة أنّ هن كنّ رائدات في مرحلة ما، بفضل تميّز تونس عن غيرها من خلال مجلة الأحوال الشخصية.

وأضافت أنّ عددا من الدول العربية تفوقت عن تونس، لوصول معدلات البطالة والأمية في صفوف النساء إلى صفر بالمائة، مع تمثيلية عالية بالمجالس التشريعية مشيرة إلى أنّ تونس غائبة عن العشر الأوائل، في التصنيف الإفريقي في مجال حقوق الإنسان.


ودعت الجريبي إلى التواضع، لأن التونسيين ما زالوا يتباهون بمكانة لم تعد لهم.

وعزت محدّثتنا هذا التراجع إلى مصادقة تونس على جملة من الاتفاقيات والقوانين دون تفعيلها وتنفيذها على أرض الواقع وبقيت حبرا على ورق بسبب العقليات الذكورية المهيمنة على المشهد والتي لا تؤمن بالمساواة الفعليّة وتستبطن العنف.

وشددّت على ضرورة تغيير العقليات وتكريس اللاّتمييز والمواطنة الحقيقة، إلى جانب إرادة سياسية صادقة تعمل على تغيير المناهج التعليمية، وتكوين المدرسين ورجال الدين، لما يحظى به الخطاب الديني من تأثير على العقليات، بعد أن أصبح الخطاب التمييزي والعنيف مستشريا بالمدارس وتحت قبة البرلمان.
وتابعت أنّ هناك مساع حقيقية، لضرب وتقويض مبادئ الجمهورية والمكتسبات النسوية طيلة السنوات الماضية، من خلال تبريرات وخطابات غريبة على تونس لولا صمود المجتمع المدني والمناضلات النسويات، وفق تعبيرها.

مساواة شكليّة

كشفت دراسة من إعداد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، أن المرأة التونسية تتقاضى أجراً يقل عن أجر الرجل بمعدل 14.6 بالمائة ما يعني أنها مطالبة بالعمل 37 يوماً إضافياً في العام لتحصل على أجر سنوي مساوٍ لأجر الرجل.
كما أبرزت الدراسة، أن المرأة التونسية مطالبة بالانتظار شهرين، حتى تصل إلى مستوى أجر الرجل في عام 2016.
وفي السياق ذاته، بلغت نسبة النساء العاملات في المدينة 25.8 بالمائة، في حين تصل نسبة الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي إلى 64 بالمائة، حسب أرقام الاتحاد العام التونسي للشغل.
ورغم أن أغلب العاملين في القطاع الفلاحي من النساء، غير أنهن يتقاضين نصف أجور الرجال، دون تغطية اجتماعية أو صحية كما أن هن عرضة لحوادث طريق قاتلة بسبب نقلهم إلى الحقول في الصندوق الخلفي للشاحنات.

وفي سياق متّصل، نص الدستور في فصله الـ 21 على أنّ “المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون دون تمييز” غير أن أحكام بعض القوانين ما زالت في قطيعة مع الدستور، فقد أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية سنة 2011 على صعود 63 امرأة فقط من ضمن 217 نائبا رغم أن هيئة حماية أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي كانت أقرت مبدأ التناصف والتداول بين النساء والرجال في جميع القائمات الانتخابية لكن رئاسة القائمات الانتخابية لم تكن معنية بهذه المبادئ حتى تشغل النساء نصف المقاعد.

وفي انتخابات 2014 بلغت نسبة النّساء المسجلات في الانتخابات أكثر من 50 بالمئة، فيما بلغ عدد المترشحات حوالي 47 بالمئة، 12 فقط منهن ترأسن قائمات انتخابية، كما شاركت تونسية واحدة فقط من ضمن 26 مترشحا للانتخابات الرئاسية.


لم تبلغ التونسيات إلى اليوم المناصب القيادية، ومراكز القرار سواء على رأس الحكومة أو وزارات السيادة أو رئاسة البرلمان، أو رئاسة الجمهورية فحضورها كان محتشما، وقد يكون منعدما في تشكيل الحكومات المتعاقبة، على تونس بعد الانتخابات.
وما زالت مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر رائدة في مجال حقوق المرأة عربيا، تحتوي على فصول مثيرة للجدل، وفتحت أبواب النقاش على مصراعيه خلال السنوات الماضية، فما زال هذا القانون ينصّ على تعيين الرجل رئيسا للعائلة ويقر مبادئ الشريعة الإسلامية في تقسيم الميراث بين الإناث والذكور.