ألقت الوحدات الأمنيّة بالمهدية، السبت 6 مارس 2021، القبض على شاب رفقة أمه وشقيقته متلبسين بصدد بيع رضيعة لم يتجاوز عمرها سنة ونصف.
وتثير هذه الحادثة عديد التساؤلات خاصة بعد تكررها في السنوات الأخيرة، والأسباب التي تجعل من الأولياء يقدمون على التفريط في أبنائهم.

رقم مفزع

كشفت رئيسة الهيئة الوطنيّة لمكافحة الاتّجار بالبشر روضة العبيدي لـ”JDD”، اليوم الإثنين 8 مارس 2021، أنّ الجهات الرسمية أوقفت خلال سنة 2020 بين 8 و10 حالات اتجار بالرضع والأطفال مضيفة أنّ هناك عدة أطراف موقوفة على ذمة هذه القضية.


وأضافت أنّ الحالات أصبحت متواترة خلال السنتين الماضيتين ومن الممكن أن نتحدّث عن ظاهرة، واصفة الأرقام بالمفزعة والمرعبة، لأنّ حالة وحيدة تعتبر غير مقبولة، وفق تعبيرها.

وأكّدت العبيدي، أنّ ثقافة حماية الأطفال ما زالت غائبة، مشيرة إلى تصريحات بعض المسؤولين الذي كشفوا عن مكان إيواء الرضيعة التي تم إنقاذها من محاولة البيع إلى جانب الحديث عن عدد الموقوفين وبعض التفاصيل التي قد تحول دون الكشف عن أعضاء محتملين لشبكة اتجار بالأطفال، دون إيلاء أي عتبار لسرية الأبحاث، وفق قولها.

مالذي يدفع الأولياء لاقتراف هذه الجريمة؟

اعتبر المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة، في تصريح لـ”JDD”، أنّ استعمال الأطفال والرضع للضغط على السلطة، ولفت انتباهها للظروف الاقتصادية والاجتماعية أمر مهين، وسيكون له آثار تدميرية على نفسية الضحايا حتى إذا فشلت عملية البيع، وفق قوله.
وأضاف أنّ علاقة تدهور القدرة المالية وصعوبة الظرفية الاقتصادية، واقتراف هذه الجرائم غير مفهومة باعتبار أنّ لا شيء يبرّر إقدام أب أو أم على التفريط في فلذة كبده بطريقة مهينة مشيرا إلى أنّ العقل البشري لا يستوعب تحويل الرضع والأطفال إلى مورد رزق، وفق قوله.

من جهتها، أكّدت روضة العبيدي أنّ انحلال الدولة واستشراء منظومة الفساد يؤدي حتما إلى انتشار الجريمة المنظمة من بينها الاتجار بالبشر، إلى جانب انصرافها عن وضع المجهودات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين.


وكشفت العبيدي أنّ مؤسّسات الدولة تعمل في مجال حماية الطفولة بإمكانيات شبه معدومة، مشيرة إلى أنّ مندوبي حماية الطفولة يتنقلون إلى أقاصي البلاد دون أن توفّر لهم الدولة وسيلة نقل كما أنّ الفرق المختصة التي تم إنشاؤها للقضاء على العنف المسلط على الأطفال، تشتغل بدورها بإمكانيات محدودة وعدد ضئيل من الأعوان.

جدير بالذكر، أنّ صفحة على فيسبوك تتعلق بـ”بيع أطفال” أثارت جدلا كبيرا في تونس، قبل أشهر ، إذ تداول نشطاء صورا لإعلانات نشرتها مجموعة على فيسبوك تحمل اسم “تبني وكفالة الأطفال في تونس”، وهي لأمهات يرغبن ببيع أطفالهن ولأخريات يرغبن في الشراء.



أطفال في القمامة!

في سياق متّصل، تفطن مواطنون وأمنيون خلال السنوات الأخيرة إلى رّضع حديثي الولادة تم إلقاؤهم في القمامة في مناطق مختلفة بالعاصمة وولايات أخرى شمالا وجنوبا.

وتبيّن التحقيقات في كلّ مرة، أن هؤلاء الأطفال ضحايا علاقات خارج إطار الزواج يرفضها المجتمع، مما يجعل الأمهات العازبات مضطرات في أغلب الأحيان للتخلي عن أبنائهم بعد تنكّر الأهل لهن، وإقصاء المجتمع الذي يعتبرهن منبوذات ويواصل في سياسة التمييز في حق الأطفال.

وفي حين تعتبر تونس الدولة العربية الوحيدة التي يحمي قانونها الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، إضافة الى مصادقتها على اتفاقية حقوق الأطفال، كما ينص الفصل 152 من مجلة الأحوال الشخصية، على أن”يرث ولد الزنا من الأم وقرابتها”، فإنّ المشرع منع الأم العزباء من مطالبة والد طفلها بالزواج منها، أو الانفاق عليها إذ ينص الفصل 227 مكرر من المجلة الجنائية التونسية، على أن “الحمل والمعاشرة لا يولّدان حق الأمّ العزباء في مطالبة الأب بالزواج بها”، وبالتالي فان حق الأم يقتصر على مطالبة الأب البيولوجي بإثبات النسب وفقا لدعوى قضائية، وحصولها على نفقة ابنها، لكن لا يوجد أي نص قانوني يحمي الأم العزباء.