يمرّ القطاع السياحي في تونس بأزمة اعتبرت الأكثر صعوبة على الإطلاق منذ تأسيسه في فجر الدولة الوطنية حيث اعتبر شريان الاقتصاد، ومن أهم مموليه بالعملة الصعبة، ويتكبد قطاع السياحة منذ السنة الماضية تاريخ اكتشاف أول إصابة بوباء كورونا في تونس وإلى اليوم خسائر ضخمة، واعتبر إلى حدّ الآن القطاع الأكثر تضرراً جراء انتشار الوباء.

إغلاق قرابة 90 في المئة من الفنادق أبوابها

عبّرت درة ميلاد رئيسة الجامعة التونسية للفنادق لـ jdd tunisie عن خيبتها من واقع السياحة في تونس، واعتبرت أن القطاع يمر بأصعب فتراته وزادته الأزمة السياسية في البلاد تعقيداً، إضافة إلى مشكلاته الهيكلية السابقة لأزمة كورونا، وقالت إن القطاع  يسهم بشكل كبير جداً في تنشيط الحركة الاقتصادية في البلاد، لأنه محرك لأنشطة اقتصادية أخرى، لها به علاقة قوية، وهي الفلاحة، والصناعات الغذائية، والتقليدية، والنقل، وكثير من الحرف والمهن الصغرى، لذلك، فإن شلل النشاط الفندقي أثر بشكل مباشر في حركة الإنتاج الاقتصادي برمته، وهو أمر طبيعي بحكم أن مساهمة القطاع السياحي بالناتج  القومي الخام تقارب 14 في المئة.

فنادق

ويعيش القطاع أزمة خانقة لم يعرفها في تاريخه منذ سنة وفق درة ميلاد، ما أدى إلى أزمة خنقت القطاع تكاد تعصف بالاستقرار الاجتماعي، إذ بلغت نسبة الفنادق على المستوى الوطني التي أغلقت أبوابها 90 في المئة، بينما شهدت بعض المناطق السياحية نسب إغلاق بلغت 95 في المئة، أما الخمسة في المئة المتبقية، فهي لا تعمل بشكل عادي، وهي خالية تقريباً من الوافدين، وهذه النسب المفزعة تعطي فكرة عن حجم الخسائر التي يعيشها القطاع، فقد بلغت نسبة التراجع في عدد الليالي المقضاة 80 في المئة، ما أدى إلى  تراجع في نسبة المداخيل بالعملات الأجنبية تجاوز 64 في المئة عام 2021، بحسب تقديرات البنك المركزي التونسي.

استعادة صناعة السياحة لعافيتها قرار سياسي بحت

يرى الخبير الاقتصادي خالد النوري، أن استعادة صناعة السياحة لعافيتها وقدرتها على خلق الوظائف قرار سياسي بحت، مؤكدا أن الأسواق السياحية الأجنبية لا تزال تعتبر تونس بلادا عالية المخاطر، بسبب تواصل الاضطرابات السياسة، ومواقف بعض الدول الأجنبية مما يحصل في البلاد من مستجدات على الساحة السياسية.

وأضاف النوري، في تصريح له لـ jdd tunisie ، أن تحريك وكالات الأسفار الكبرى لرحلاتها نحو تونس يحتاج إلى قرارات سياسية من تلك الدول، وجهود دبلوماسية يتعيّن على الحكومة بذلها، غير أن البلاد الغارقة في خصوماتها السياسية وعدم تشكيل حكومة إلى حد الآن، غير قادرة في الوقت الحالي على إيجاد حلول لمشاكل قطاعاتها الاقتصادية المتعثرة، وفق قوله.

وأكد الخبير الاقتصادي أن النزل والمنتجعات السياحية تتجنب الغلق النهائي بسبب الكلفة العالية لهذا القرار، ما يجعلها تعمل بالحد الأدنى من الموارد البشرية، مشيرا إلى أن ما لا يقل عن 200 ألف عامل في قطاع الفنادق غادروا نهائيا العمل في هذا النشاط، والتحق جزء منهم بالعمل في قطاعات المطاعم والمقاهي.

 عدم الاستقرار السياسي وراء تراكم الأزمات السياحية

تعتبر جامعة السياحة والنزل أن تراكم الأزمات الظرفية في القطاع سببه عدم الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد منذ عام 2011.

تظاهرات

وأكدت الجامعة في بيان لها، منذ شهر جويلية 2021، أن عدم وضوح الرؤية وعدم قدرة الدولة على إدارة الأزمة بالشكل الذي يسمح بعودة المياه إلى مجاريها، يكبد القطاع سنة بيضاء ثانية على التوالي، متسببا في أزمة غير مسبوقة للسياحة التونسية.

وعلى امتداد موسم الصيف، استعانت الفنادق السياحية بجزء من العمال الذين سبقت إحالتهم على البطالة الفنية أو من جرى تسريحهم بعقود ظرفية توشك على النهاية، مع اقتراب دخول السياحة في فترة ركود جديدة.

روني الطرابلسي : أصبحنا نخاف من انهيار القطاع السياحي

روني الطرابلسي

وفي هذا السياق أكّد وزير السياحة الأسبق روني الطرابلسي، أنّ الدولة التونسية يجب أن تهتم بالقطاع السياحي مشيرا إلى أنّ العديد من النزل أغلقت أبوابها بسبب نقص العملة والموظفين المختصين في المجال السياحي ونبّه من انهيار القطاع السياحي. 

وفي حوار له مع ”راديو ماد” اليوم السبت 9 أكتوبر 2021، عاد الطرابلسي على وضعية الموسم السياحي في تونس لسنة 2021، وأوضح أنّ تونس لا تختلف عن بقية دول العالم  السياحية التي أمضت موسما سياحيا صعبا بسبب الإجراءات الصحية المرتبطة بجائحة كورونا.