أبرم الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، أمس الخميس، اتفاقية تعاون وشراكة مع جمعية المحامين والقضاة الأمريكية لفائدة السجينات والطفولة الجانحة من أجل استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة تكون في شكل خدمة مدنية تطوعية، وفق ما صرحت به رئيسة الاتحاد، راضية الجربي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء،

إعادة تأهيل وإدماج الاطفال الجانحين

اعتبرت رئيسة الاتحاد أنه “من شأن إقرار العقوبة البديلة أن تستفيد منها المجموعة العمومية وتساهم في منح الجناة فرصة أخرى، مؤكدة على أن أهم أسباب إبرام هذه الاتفاقية هو الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية وارتفاع نسب العود للجريمة.
ولفتت إلى أن المؤسسات السجنية تعاني من نسب اكتظاظ تقدر بـ114 بالمائة منهم 50 بالمائة من الموقوفين يبقون في الإيقاف التحفظي لفترة طويلة، إلى جانب بلوغ نسب العود للجريمة 40 بالمائة، معتبرة أن هذه الأسباب مجتمعة ساهمت في الشراكة مع جمعية المحامين والقضاة الأمريكية بدعم من المؤسسات والمنظمات الحقوقية.

وأعلن الاتحاد عبر صفحته الرئيسية فيسبوك “أن الاتفاقية المبرمة من شأنها أن تساهم في تأهيل النساء السجينات والأطفال الجانحين وإعادة إدماجهم في المجتمع عبر عقوبة بديلة”.

صعوبات في تنفيذ القانون

أقرت قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون المعتمدة من الجمعية العامة بقرارها عدد 40/22 بتاريخ 29 نوفمبر 1985 سياسة خاصة في التعامل مع الأطفال المخالفين للقانون “بمنع توقيع عقوبات بدنية عليهم وبعدم استخدام إجراء لاحتجاز إلا كملاذ أخير ولأقصر مدة زمنية وبالتأكيد على ضرورة اعتماد عملية معالجة وإصلاح الأحداث وإدماجهم من جديد داخل مجتمعاتهم”.

و المقصود بالطفل على معنى الفصل 3 من مجلة حماية الطفل هو “كل إنسان عمره أقل من ثمانية عشر عاما، ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة”.


وينص الفصل 13 من مجلة حماية الطفل التونسية الصادرة بموجب القانون عدد 92 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 على ضرورة اعتماد تدابير غير جزائية في حق الطفل “الجانح”وتعطى الأولوية للوسائل الوقائية والتربوية بالإضافة إلى التنصيص القانوني على ما يعرف “بالحماية المحروسة” التي وردت صلب الباب الثاني من نفس المجلة إلا أنها آليَّة غير مفعلة بصفة معتادة فلا يزال نظام التدابير البديلة عن العقوبات السالبة للحرية الخاص بالأطفال في حاجة لمزيد الضمانات نظرا لوجود العديد من العوائق والصعوبات التي يتعين إيجاد حلول لها و هي بالأساس صعوبات تتعلق بالتنسيق بين مندوبية حماية الطفولة و القضاء وأيضا بغموض المفهوم في حد ذاته خاصة وأن المشرع لم يعرفه صراحة”.

وقد اعتبرت دراسة مشتركة بين وزارة العدل و مندوبية حماية الطفولة سنة 2020 أن أليات عدة كالوساطة وهي عملية إبرام صلح بین الطفل الجانح ومن یمثله قانونا وبین المتضرر أو من ینوبه أو ورثته(الفصل113 و 114 من مجلة حماية الطفل) بإمكانها التقليص بصفة هامة من تسليط عقوبات سالبة للحرية ضد الطفل.

ويذكر أن العقوبات البديلة كانت قد دخلت حيز التنفيذ في تونس في أواخر 2018 وقد نفّذت أول العقوبات البديلة في مدينة المنستير حيث لقيت استحسان القضاة والمشرفين على السجون ومكوّنات المجتمع المدني، لا سيّما أنّه سوف يساهم في الحدّ من نسب الاكتظاظ داخل السجون التونسية.

وصنف المشرّع التونسي العقوبات وفقا للفصل 5 من المجلة الجزائية إلى عقوبات أصلية وأخرى تكميلية وجعل من العقوبات البديلة المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض الجزائي من ضمن هذه العقوبات الأصلية والتي تمنح القاضي أكثر خيارات في اتخاذه للحكم المناسب.  

إيمان عبيدي