أثار بلاغان منفصلان لكلّ من رئاسة الجمهورية التونسية والبيت الأبيض، الجمعة 13 أوت 2021، ردود فعل متباينة، حيث اعتبر مراقبون أنّ مضامين البلاغين متباينة وتعكس قلقا أمريكيا إزاء التغييرات السياسية في تونس فيما يرى آخرون أنّهما متكاملان ويبزان موقف كلّ طرف من جهته.

ماذا تعني الرّسالة الخطيّة؟

رئاسة الجمهريّة، من جهتها، أعلنت أنّ الرئيس قيس سعيّد، استقبل بقصر قرطاج، وفدا رسميا أمريكيا ترأسّه جوناثان فاينر، مساعد مستشار الأمن القومي، الذي كان محمّلا برسالة خطية موجّهة إلى رئيس الدولة من قبل جوزيف روبينيت بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.


وفي تعريفه لمعنى الرسالة الخطيّة يقول الدبلوماسي السّابق أحمد ونيّس لـ”JDD Tunisie”، إنّه إضافة إلى المبادلات الكلاميّة بين المبعوث الذي التقى الرئيس وتحدّث معه يتم تسليم رسالة مكتوبة من نظيره وفي التقاليد الدبلوماسيّة فإنّ هذه الوثيقة تتطلب ردّا مكتوبا يمكن أن يكون مضمونه تكرار ماورد في اللقاء الثنائي أو إضافة معطيات أخرى لم يتم تداولها بين الرئيس والمبعوث.
من جهته، أوضح الدبلوماسي السّابق عبد اللّه العبيدي أنّ الرّسالة الخطيّة لا تعني بالأساس مخطوطة، فهي طريقة يطرح فيها الطرف المقابل تساؤلات حول نقاط لم يقع توضيحها بدقّة ولايمكن طرحها عبر السفير لأهمية الموقف فيتم إيفاد مبعوث سام يتولى هذه المهمة ويرسل بدوره ردّ الرئيس أو من يمثله.

ضغط أمريكي

في تأويل للبلاغ الصادر عن الإدارة الأمريكيّة، يقول مسؤول سابق سامي بالخارجيّة التونسيّة لـ”JDD Tunisie”، إنّ المبدأ الأهم يتعلّق بتنقل وفد أمريكي إلى تونس من واشنطن حاملا رسالة موقّعة من الرئيس جوزيف بايدن ممّا يدلّ على أنّ السفير في تونس له تعليمات بمواصلة الضغط على الإدارة التونسيّة وإشعار الرئيس قيس سعيّد بأنّ الحالة متأزّمة ولايمكن أن تتواصل مطوّلا.

بلاغ البيت الأبيض

وأضاف محدّثنا أنّ الجانب الأمريكي لا يوافق على تعطيل البرلمان في تركيبته الحالية ويعتبرها “عملية قهريّة” ضد الخصوم في حين أنّ المعاملة الطبيعية تقتضي المفاوضة عوض التعجيز مشيرا إلى أنّ الغاية وفقا لواشنطن تكمن في الوصول إلى مفاهمة بين الصف المعادي للإسلام السياسي والحزب الإسلامي (حركة النهضة)، وذلك بعد الجلوس على طاولة الحوار.

وأوضح أنّ إمكانية الذهاب إلى تغيير النظام السياسي والانتخابي والذهاب لانتخابات سابقة لأوانها يجب أن تكون بالتشاور بين جميع الأطراف، وفقا للتقدير الأمريكي مشيرا إلى أنّ رئاسة الجمهوريّة لم تكشف في بلاغها عن نقطة التعاطي مع البرلمان ما يُفهم على أنّه رفض للاتجاه الأمريكي.

مجرّد تجميع للمعلومات

الدبلوماسي السّابق عبد اللّه العبيدي اعتبر أنّ الاجتماع الذي عقد أمس بقصر قرطاج خطوة طبيعية من الجانب الأمريكي الذي أراد الحصول على توضيحات بعيدا عن منطق المساندة لأي طرف في تونس وأيضا بعيدا عن التدخّل في الشأن الداخلي كما ذهب إليه البعض.



وتابع العبيدي أنّ تجميع المعلومات الكافية هدفه الكشف عن حجم كلّ طرف مساهم في المشهد السياسي الحالي حتى يتسنى للولايات المتّحدة الأمريكية اتّخاذ الموقف المناسب مشيرا إلى أنّ واشنطن دأبت على ذلك بعد أن قدّرت مواقف غير صائبة في عدة مناسبات عادت على سياساتها الخارجيّة بالضرر وأيضا نظرا للموقع المهم الذي تحظى به تونس في المنطقة.

وبخصوص صفات الأشخاص الذين أوفدهم البيت الأبيض، أكّد محدّثنا أنّ الأسماء بالنسبة لأمريكا عادة ماتكون غير مهمة لكن مايؤكّد فرضية أن الزيارة هدفها جمع المعلومات هو وجود المسؤولين عن إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط من ضمن الوفد الذي يجمّع التقارير من الملحقين ويقدّم بدوره الاستنتاج النهائي للرئيس الأمريكي حتّى يتخذ الموقف النهائي والحاسم من ملف ما.