مثل العنف السياسي 13 بالمائة من حالات العنف في تونس، يليه العنف في الفضاء العام بـ9.7 بالمائة، والعنف الاقتصادي بـ 3.2 بالمائة، أما النسبة الأكبر فكانت للعنف الإجرامي بنسبة 71 بالمائة خلال سنة 2021، وفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وأوضحت منسقة المرصد الاجتماعي عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نجلاء عرفة، لـ Jdd-Tunisie، اليوم الخميس 13 أوت 2021، أن آلية الرصد التي تم اعتمادها تتمثل في عملية رصد لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعة شهادات المبلغين عن حالات العنف الموجودة، لكن رغم الجهود المبذولة في هذا الملف إلا أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع الحقيقي.

وأرجحت عرفة أن إشكالية الأرقام تعود أساسا إلى تعتيم وزارة العدل على المعطيات، مؤكدة أن المنتدى يعتمد في دراساته على النسب وليس الأرقام، لأن الأرقام المتوفرة بعيدة جدا عن الواقع، لكن الغاية من هذه النسب هو التوعية بخطورة هذه الظاهرة والبحث عن سبل لمعالجتها.

مضيفة: “منذ جويلية 2020، وإلى حد اليوم نشهد ارتفاعا متواصلا في منسوب العنف السياسي، الذي تم رصده تحت قبة البرلمان من شتم وثلب بين النواب، وفي مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالفاعليين السياسيين”.

وبالعودة إلى أسباب ارتفاع هذه الظاهرة، أوضحت منسقة المرصد أن النواب يعتقدون أنهم فوق القانون، لأنهم يتمتعون بالحصانة البرلمانية، وهذا خطير لأن السلطة التشريعية التي تشرع القوانين لا تحترمه ولا تطبقه، مما يعطي صورة سلبية للمواطن في التعامل مع ظاهرة العنف.

نشير إلى أن مجلس نواب الشعب منذ انتخابات 2019 وإلى غاية تعليق مهامه يوم 25 جويلية 2021، شهد عدة مواجهات عنيفة بين النواب، أغلبها قائمة على تبادل الشتائم والصراخ وصولا إلى العنف الجسدي.

ما هو العنف السياسي؟

عرف العنف السياسي بأنه “استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين لتحقيق أهداف سياسية”، وفق كتاب ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية لكاتبه حسنين توفيق إبراهيم.

ويعرفه عالم الاجتماع الأمريكي (هارولد نييبرغ –  Harold.Nieburg) بأنه أفعال التدمير والتخريب وإلحاق الضرر والخسائر التي توجه إلى أهداف أو ضحايا مختارة أو ظروف بيئية أو وسائل أو أدوات.

وتشير أغلب التعاريف إلى أن العنف السياسي تكون أهدافه أو دوافعه سياسية، ويتضمن استخداما للقسر أو الإجبار من قوى مجتمعية ضد الدولة أو من جانب الدولة ضد رعاياها، وفق الموسوعة السياسية.

أضافت محدثتنا نجلاء عرفة، أنه بعد 25 جويلية، “لاحظنا نقلة نوعية في العنف السياسي حيث أصبحت هناك هجمات من النواب المجمدين ومن الفئة السياسية الرافضة للقرارات الجديدة، تجاه المواطنين بأشكال متنوعة من العنف منها اللفظي والمادي والتهديد، مثال ذلك تصريح رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي حول هجرة نحو 500 ألف تونسي إلى إيطاليا وهي رسالة تخويف لإيطاليا.

مؤكدة أنه لايزال خطاب السياسيين قائما على العنف السياسي والتهديدات، فمنذ تجميد عمل البرلمان توقف العنف الجسدي أما العنف اللفظي والرمزي فما زال متواصلا في وسائل الإعلام وفي الميديا الجديدة.

ويشير أستاذ الاتصال السياسي الدكتور صادق الحمامي في مقالاته الأكاديمية إلى أنه في أحيان كثيرة، “تثير هذه المواجهات الصدامية العنيفة بين النواب التونسيين مشاعر الغضب والحنق، ويبدو هكذا “العراك” البرلماني وكأنه تعبير عن ثقافة سياسية قائمة على العنف اللفظي وخطاب الكراهية وممارسات الإقصاء السياسيين لبعضهم البعض وكأن الصراع (أو النزاع) هو الأسلوب الوحيد لإدارة الاتصال السياسي لدى النخب السياسية الجديدة”.

استمع للمقال