تلقت المحكمة الابتدائية بتونس، يوم الخميس 25 فيفري 2021، شكاية على معنى الفصلين 96 و109 من المجلّة الجزائية، تقدمت بها منظمة “أنا يقظ”، ضدّ الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، وفق ما أكده محسن الدّالي، الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي والمحكمة الابتدائية بتونس، في تصريح لـ”JDD”، السبت 27 فيفري 2021.

وتتعلّق الشكاية، وفق الدّالي، بقضية البنك الفرنسي التونسي، حيث أكد نص عريضة الدعوى التي قدمها الخصم، أن بن سدرين لم تحترم مبدأ إحقاق الحقّ بين المتخاصمين عند توليها تقييم وتقدير الضرر الذّي من الممكن أن يكون قد لحق بخصم الدولة عبد المجيد بودن.

حيثيات القضية

وقضية البنك الفرنسي التونسي تعود إلى فترة الثمانينات، منذ الترفيع في رأس مال البنك سنة 1983، حيث تحولت القضية إلى نزاع مالي بين الدولة التونسية والشركة العربية للاستثمار “ABCI”، التي يشرف على إدارتها التونسي عبد المجيد بودن.

ويتعلق بالبنك ملفات فساد، على غرار محاولة استيلاء عدد من الأطراف على أموال المؤسسة العربية للاستثمار، و الحصول على قروض فاقت قيمتها 300 مليون دولار دون توفر ضمانات، بالإضافة إلى اتهام وزيري أملاك الدولة السابقين مبروك كورشيد وسليم بن حميدان بتقديم وثائق تثبت مسؤولية الدولة في هذا الملف للشركة العربية للاستثمار، بالإضافة إلى شبهات فساد حول تكليف تونس لمكتب المحاماة “هاربت سميث” الذي تقاضى مبالغ ضخمة قبل أن تخسر تونس القضية.

تغييب الرواية الرسمية للدولة

وكانت أنا يقظ قد أكدت في بلاغ لها، أن هيئة الحقيقة والكرامة قيّمت تقديرات الضرر بسماع بودن وتبني ونشر “إدعاءاته”، دون الإشارة للرواية الرسمية للدولة التونسية.

وبينت أن وزير أملاك الدولة والشؤون العقاريّة آنذاك مبروك كرشيد، أصر ّ على عدم نقل الرواية الرسمية للدولة، كما رفض الاستجابة لمطلب هيئة الحقيقة والكرامة في الإجابة والردّ على إدعاءات خصم الدولة التونسية، مشيرة إلى أن الصراع السياسي أو الإديولوجي بين طرفين يمثلان الدولة التونسية يمكن أن يتسبب في ضرر للدولة وخاصة دافعي الضرائب لأجيال.

“تخاذل” يمس سمعة تونس في الخارج

وتعتبر “أنا يقظ”، أن “التخاذل”، أدى إلى إنفاذ عملية تقييم وتقدير تعويضات قد تكون غير مستحقة، كما أدى إلى تقديم قرينة مجانية لخصم الدولة التونسية أمام لجنة التحكيم التابعة للبنك الدولي، التّي طالبها بتعويضات مساوية لتقديرات هيئة الحقيقة والكرامة، التّي لم تنبن على الحياد والموضوعية في معالجة الملف المذكور.

وأشارت المنظمة، في بلاغها، إلى أن أي إمكانيّة سوء تقدير الضرر الحاصل لبودن خصم الدولة التونسية، وهو ما يعتبر حاليّا محلّ متابعة من قبل السلط المختصة، أو أي تصريح غير مدروس سيؤثر على مسار الصلح مع الخصم وعلى قيمة التعويضات، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى المسّاس بأموال دافع الضرائب التونسي وبالسمعة الخارجيّة للدولة التونسيّة، خاصة في ظل ما تمر به بلادنا من أزمة اقتصادية.

ودعت “أنا يقظ”، المحكمة إلى التفاعل مع المطالب الواردة في عريضة الدعوى لتحميل المسؤوليّات ومعاقبة كلّ موظف عمومي أو شبه عمومي قام قبل مغادرة منصبه بالإضرار بالإدارة، وذلك ترسيخا لثقافة المحاسبة و للحدّ من ثقافة الإفلات من العقاب، وفق نصّ البيان.

التدليس “تهريج”

ولم تتمكن “JDD”، من الاتصال بالرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، للحصول على توضيحات بخصوص القضية المذكورة والتي تعتبر موضوع الشكاية.

لكن بن سدرين، أكدت في تصريح سابق، أن شبهات التدليس التي وقعت إثارتها مؤخرا ضدها إضافة إلى التناقض بين تقريري الهيئة الواردين على كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، بخصوص ملف البنك الفرنسي التونسي، هي محاولات تهريج من قبل أشخاص تمت إحالتهم من أجل شبهات فساد أمام القضاء المختصّ.

وبينت بن سدرين أن شبهة التدليس التي تحوم حول تقارير الهيئة غابت عنها مختلف أركان الجريمة، وفق تعبيرها، مؤكدة أن هناك من يحاول الإيهام بجريمة من أجل إيقاف المحاسبة القضائية.

“خيانة عظمى”

وكان وزير أملاك الدولة السابق، مبروك كورشيد، قد أكد في وقت سابق في بث مباشر على صفحته الرسمية على فايسبوك، أن الدولة التونسية تعرضت لـ”خيانة عظمى” من قبل مسؤولي الدولة، في قضية البنك الفرنسي التونسي، على غرار وزير أملاك الدولة السابق سليم بن حميدات والرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين.