يشهد مجلس نواب الشعب منذ انتخابات 2019 وإلى غاية الآن مواجهات عنيفة بين النواب، أغلبها قائمة على تبادل الشتائم والصراخ والتعبير عن مواقف بطريقة مستفزة.

وغالبا ما يلتجأ النواب إلى بث هذه الممارسات على صفحاتهم الخاصة على فيسبوك بطريقة “البث المباشر” بغاية تشريك المتابعين وحشد الجمهور حول موضوع ما.

معركة موسي مع الكل!

تستعمل رئيسة حزب الدستوري الحر، عدة آليات تحت قبة البرلمان لإبلاغ رسالتها، من أهمها اعتمادها الوثيق على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تقنية البث المباشر على فيسبوك، ناهيك عن استخدامها لأكثر من مرة لمكبرات الصوت داخل المجلس لتعطيل الجلسات المنعقدة.

وفي هذا السياق، كان قد دعا المكتب التنفيذي للنقابة الأساسية لأعوان مجلس نواب الشعب في بلاغ اليوم منظوريه لتنفيذ وقفة احتجاجية يوم الجمعة 19 مارس ضد اعتداءات رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي.

 ويشير البلاغ إلى أن عبير موسي قامت باعتداءات خطيرة يوم الأربعاء 17 مارس الجاري من خلال احتلالها لمكتب الموظفة فاتن السليطي “وممارسة الترهيب والهرسلة والاستفزاز والإكراه عليها وعلى زميلتها والمسّ من كرامة الموظفين البرلمانيين من خلال نعتهم بـ “المليشيا” و”المندسين” و”العملاء” والتحريض عليهم عبر البثّ المباشر على صفحات التواصل الاجتماعي في انتهاك خطير للقانون والأعراف المهنية”.

كما أصدر رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي منشورا داخليا يقضي بمنع عضوة مكتب مجلس نواب الشعب عبير موسي من الالتحاق بأشغال مكتب المجلس.
ويأتي قرار الغنوشي على خلفية “مواصلة عبير موسي تعطيل أشغال البرلمان ومكتب المجلس وتهجمها على النواب والأعوان والصحفيين واتهامها لهم جميعا بأنهم يأتمرون بأوامر الغنوشي.”

من جهتها أصدرت نقابة الصحفيين التونسيين بدورها بلاغا، طالبت فيه النائبة عبير موسي بالاعتذار، وذلك على خلفية اعتدائها على الصحفي سرحان الشيخاوي، كما طالبت النقابة رئيس البرلمان راشد الغنوشي بفتح تحقيق في الموضوع.

ماذا يقول النظام الداخلي لمجلس النواب حول هذه التجاوزات؟

أوضح النائب ماهر مذيوب، مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالإعلام والاتصال، بأن مكتب مجلس نواب الشعب المنعقد الخميس 18 مارس 2021، قرر منع كل نائب من حضور الجلسة العامة أو أعمال اللجان وأشغال مكتب البرلمان في صورة تجاوزه للنظام الداخلي إثر التنبيه عليه مرتين تطبيقا للنظام الداخلي للبرلمان.

وأضاف مذيوب، خلال نقطة إعلامية، أن هذا القرار تم اتخاذه بالإجماع صلب مكتب المجلس، استنادا إلى الفصلين 56 و48 من النظام الداخلي.

وأكد مساعد رئيس مجلس نواب الشعب أن أعضاء المكتب عبروا عن امتعاضهم مما صدر عن رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، خلال اليومين الأخيرين، واعتبروه “ضربا لهيبة الدولة ومؤسسة البرلمان وكرامة الإدارة وشرف الصحفيين”، وفق قوله.

 
المجلس يتحول إلى حلبة صراع 
!

وفي سابقة أخرى، اعتدى رئيس لجنة النظام الداخلي ناجي الجمل والنائب عن كتلة حركة النهضة بالعنف على النائبة بالدستوري الحرّ زينب السفاري وقام بإسقاط هاتفها الذي كانت تقوم بالتصوير به في بهو البرلمان. 

هذا الاعتداء المهين لهيبة الدولة ندد به المهتمون بالشأن العام واستنكروا الوضعية الكارثية التي وصلت إليها حالة مجلس نواب الشعب.

ويفسر أستاذ الاتصال السياسي الدكتور صادق الحمامي في مقالاته الأكاديمية، بأن هذه المواجهات الدرامية أحيانا “تكون مجرد مشاهد تمثيلية ينظمها النواب للظهور بمظهر المتكلّم المتحدّث البارع والمنافس الشرس المدافع عن آرائه والقادر على إسكات خصومه وإرباكهم والانتصار عليهم رمزيًا بحثًا عن كسب أصوات الناخبين وتسويقًا لصورة مخصوصة يبدو فيها النائب فاعلًا في البرلمان”.

ويشير الحمامي إلى أنه في أحيان كثيرة، “تثير هذه المواجهات الصدامية العنيفة بين النواب التونسيين مشاعر الغضب والحنق، ويبدو هكذا “العراك” البرلماني وكأنه تعبير عن ثقافة سياسية قائمة على العنف اللفظي وخطاب الكراهية وممارسات الإقصاء السياسيين لبعضهم البعض وكأن الصراع (أو النزاع) هو الأسلوب الوحيد لإدارة الاتصال السياسي لدى النخب السياسية الجديدة”.

المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة يندد

نشر المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة يوم الخميس 18 مارس، بلاغا قال فيه إن تكليف راشد الغنوشي موظفي المجلس بمنع نائبة من حضور اجتماع مكتب المجلس التي هي من أعضائه، ممارسة عنيفة واعتبرها على غاية مهمة من الخطورة.

كما ندد بالاعتداء بالعنف المادي والمعنوي من طرف النائب عن حركة النهضة ناجي الجمل على النائبة المعارضة زينب السفاري، معتبرا أن ذلك استهداف جديدة للمرأة التونسية.