مازال قرار الحكومة القاضي بتسخير المصحات الخاصة لمعاضدة المجهود الوطني في محاربة الوباء يلقي بظلاله على النقاش العام خاصة بعد رد نقابة أصحاب المصحات التي أكدت أنها بدورها تشكو شحا في الأوكسيجين.
من خلال هذا التقرير ستحاول JDD Tunisie الكشف عن كيفية رقابة الدولة على المصحات الخاصة والإخلالات التي وقفت عليها دائرة المحاسبات.


ماذا نعرف عن المصحات؟

تحتل المصحات الخاصّة مكانة هامّة ومتنامية صلب المنظومة الصحيّة تتجسّم من خلال إرساء المبادرة الحرّة والتخلي عن نظام التراخيص الإدارية المسندة من قبل وزارة الصحة في مختلف الأنشطة الراجعة لها بالنظر وتعويضها بنظام كراس الشروط لاسيما فيما يتعلق بإحداث أو بتوسيع اختصاص أو بإدخال تغييرات أو بنقل مؤسسة صحية خاصة وذلك بمقتضى قرار وزير الصحة العمومية بتاريخ 28 ماي 2001 المنقح والمتمم بالقرار المؤرخ في 24 ديسمبر 2007.

وتبعا لذلك، شهد هذا القطاع تسارعا في نسق إحداث المصحاّت الخاصّة حيث بلغ عددها 103 مصحات بطاقة إشغال جملية تبلغ 6.676 سريرا إلى موفّى شهر فيفري 2020 وهو ما يمثل 24% من طاقة الإشغال الوطنية علما بأنّه 48 مصحة تمّ إحداثها بعد سنة 2001 وفقا لنظام كراس الشروط.

وعهدت عمليّة الإشراف والرقابة على المصحّات الخاصّة إلى عديد المتدخلين. فإلى جانب وزارة الصحّة يساهم عدد من الهياكل الفنيّة الأخرى في هذه العمليّة لا سيّما المركز الوطني للحماية من الأشعة والوكالة الوطنية للرقابة الصحيّة والبيئية للمنتجات والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بالإضافة إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض باعتبار العلاقة التعاقدية التي تربطه بالمصحات وكذلك وزارة التجارة التي عهدت لها عمليّة مراقبة الأسعار والتقصيّ حول الممارسات المخلّة بالمنافسة في المجال.

محكمة المحاسب تراقب

تولّت محكمة المحاسبات إنجاز مهمّة تقييميّة غطّت أساسا الفترة الممتدة من 2014 إلى موفى شهر أفريل 2020.وخلصت هذه المهمّة إلى الوقوف على إخلالات تعلّقت أساسا بمحدودية الرقابة عند إحداث المصحات الخاصّة وعند تركيز التجهيزات الثقيلة والمشعّة بها وبضعف الرقابة على حفظ الصحة ومقاومة التعفّنات الاستشفائية والأدوية والمستلزمات الطبيّة بهذه المصحات وبعدم إحكام الرقابة على التصرف في الموارد البشرية فضلا عن نقائص شابت العلاقات التعاقدية مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض وشفافية المعاملات.

كما اتضح أنّ اعتماد نظام كراس الشروط المتعلق بالمؤسسات الصحية الخاصة لم يرافقه وضع لإستراتيجية واضحة المعالم بخصوص إحداثها تأخذ بعين الاعتبار الأولويات والتوجهات الوطنيّة وتبيّن سبل الشراكة الممكنة بين القطاعين العام والخاص في المجال الصحّي. وساهمت هذه الوضعيّة في تمركز 90% من المصحات الخاصة على الشريط الساحلي للبلاد.

وانجرّ عن محدودية الرقابة عند إحداث المصحّات الخاصّة القيام بأشغال توسعة و إدخال تغييرات عليها دون احترام كراس شروط و بعث مصحات لا تتطابق تصاميمها الهندسية مع الأمثلة المصادق عليها من قبل الوزارة فضلا عن انتصاب عدد من المصحات داخل مناطق غير مهيئة عمرانيا لتركيز منشآت صحية.

كما لم تستجب 32 مصحّة عند دخولها حيز الاستغلال إلى شروط سلامة البنايات ،كما تمت معاينة عدم مطابقة بنايات 35 مصحّة للطاقة القصوى لاستيعابها والمرخص فيها من قبل مصالح الحماية المدنية وهو ما يعد مخالفا لأحكام القانون عدد11 لسنة 2009.

كما سجّل ضعف الرقابة عند الإعلام ببداية النشاط التي تتم غالبا بتأخير قارب في بعض الأحيان سنة كاملة مما أدّى إلى دخول بعض المصحات حيز الاستغلال دون الاستجابة للشروط المستوجبة.