ستواجه تونس صيفا صعبا جدا من حيث الموارد المائية هذه السنة وكذلك السنوات الثلاث القادمة ستكون فترة صعبة” وفق ما أكّده وزير الفلاحة والموارد المائة والصيد البحري، بالنيابة، محمد الفاضل كريم.


الإيرادات المائية خلال سنة 2021، تراجعت بنسبة 43 بالمائة عن المعدل المعتاد، حيث كشف الوزير، أن ولايات نابل والمنستير وسوسة والمهدية وصفاقس، ستشهد عجزا مائيّا يقارب 18 بالمائة مقارنة بــ12 بالمائة السنة الفارطة.


كما ستشهد هذه الولايات اضطرابات في التزويد بالماء الصالح للشرب بسبب القيام بعمليات تعديل خزانات أثناء الليل.


أسباب عديدة


يعود انخفاض الموارد المائية إلى انخفاض إجمالي المياه المخزونة بالسدود التونسية، إلى 1.14 مليار متر مكعب حتى نهاية شهر ماي المنقضي، لتصل نسبة الامتلاء بها إلى 49.4 بالمائة.


وبلغت الإيرادات الإجمالية للسدود، للموسم الحالي، 758 مليون متر مكعب مقابل 1.7 مليار متر مكعب كمعدل خلال السنوات الفارطة، أي بفارق تجاوز مليار متر مكعب تقريبا وفق أرقام الإدارة العامة للسّدود والأشغال المائية الكبرى بوزارة الفلاحة.


نسبة الامتلاء في سد سيدي سالم، أكبر سد في تونس لا تتجاوز 48 بالمائة كما تراجع امتلاء سد نبهانة من حوالي 9 مليون متر مكعب سنة 2020 إلى 4.3 مليون متر مكعب فقط هذا العام.

وضع صعب

قال حسين الرحيلي الخبير في التنمية المستدامة في تصريح لموقع JDD Tunisie إنّ المسؤول في تونس غالبا ما يقرّ بحقيقة الصعوبات بصفة متأخّرة، وإنّ وزير الفلاحة كان من المفروض أن يعلن أنّ تونس ستشهد صعوبات مائية قبل دخول فصل الصيف الذي يشهد ذروة الاستهلاك.


وأضاف أنّ نسبة امتلاء السدود تراجعت من 79 إلى 46 بالمائة من طاقة استيعابها وهي كمية ضعيفة جدا لا تكفي حاجيات التّونسيين، وهذا ما يفسر أن مناطق الساحل وصفاقس التي تتزود بفائض مياه الشمال ستتعرّض إلى أزمة مياه هذا الصيف.


كما أشار إلى أنّ إقليم الجنوب الشرقي يشهد استنزافا كبيرا للمائدة المائية الجوفية بمنطقة “الجفارة” باعتبار استعمالها في عدة مجالات كالفلاحة والسياحة والصناعة وهو ما يهدد بشحّ مائي بهذا الإقليم.


أزمة هيكلية

أكد حسين الرحيلي أنّ أزمة المياه في تونس هي أزمة هيكليّة وليست ظرفيّة مرتبطة بحجم التساقطات، وأن الإشكال الأساسي يتمثل في غياب تصور استراتيجي منذ دخول البلاد في مرحلة ما يعرف بـ “الضّغط المائي” والتي انطلقت سنة 2009.


وأضاف أن السياسات الحكوميّة الحالية لم تأخذ في عين الاعتبار الدّراسات التي أنجزت بشأن المياه في أفق 2030، وهي عقلية كاملة تقوم على تذكّر إشكالية المياه عند الوقوع في أزمة فقط، مشيرا إلى أنّ الاستراتيجية الحالية قائمة على سياسات تقليدية تعود إلى القرن الماضي وضعها الاستعمار محورها تركيز السدود بالشمال الغربي باعتتبارها مناطق ممطرة، والحال أن أمطار طوفانية تتهاطل كل سنة على مناطق الوسط الغربي والساحل، إضافة إلى إشكاليات عديدة في الإطار القانوني.

ونبّه الرحيلي من الاستنزاف العشوائي للمائدة المائية عن طريق حوالي 120 ألف بئر غير مرخّص وكذلك قلة المراقبة وغياب تصور واضح للتأقلم مع التغيرات المناخية، التي أثرت على تونس بشكل واضح.

هدر المياه

تبلغ نسبة المياه المهدورة بقنوات الماء الصالح للشراب حوالي 25 بالمائة بسبب اهتراء الشبكة والتي يعود بعضها إلى أكثر من 40 سنة وأيضا غياب الاستثمار في مياه الشّرب باعتبار أن الدولة تتعامل مع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه كشركة تجارية ربحية رغم أنها مؤسسة خدماتية تُموّل من دافعي الضّرائب.

وأضاف أنّ تواصل اعتماد الاستراتيجية الحالية يهدد بأزمة مائية خطيرة جدا قد تضطر الدّولة إلى اعتماد سياسة تقسيط المياه أي توزيع المياه في أوقات معينة، إما صباحا أو ليلا على غرار ما هو معمول به في بعض الدّول.

وتابع “حوالي 55 بالمائة من إجمالي التساقطات سنويا (حوالي 36 مليار متر مكعب) تهدر في السباخ والبحر، باعتبار أن إجمالي طاقة استيعاب السدود لا تتجاوز 2.1 مليار متر مكعب فقط، وذهاب حوالي 11 مليار متر مكعب في الغابات والتربة”.

أمطار طوفانية غير مستغلة بالساحل والوسط