عاش مجلس نواب الشعل في الساعات الماضية، على وقع أحداث عنف في مشهد تعوّد عليه التونسيون خلال هذه الدورة البرلمالنية، حيث نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر صفع النائب عن حركة النهضة ناجي الجمل للنائب عن الحزب الدستوري الحر زينب السفاري، في المقابل قرّر رئيس المجلس التشريعي، راشد العنوشي منع رئيس كتلة الدستوري الحر عبير موسي من الالتحاق باجتماع المكتب على خلفيّة تعطيلها لأشغاله.

عجز سياسي

في هذا الإطار، أوضح أستاذ القانون بالجامعة والمحلل السياسي عبد الرّزاق المختار، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الجمعة 19 مارس 2021، أنّ أحداث العنف التي وصفها بالخطيرة وغير المسبوقة، أظهرت عجز الفاعلين السياسين عن إدارة خلافاتهم وحواراتهم بما يسمح بالعمل الطبيعي بينهم.



وأضاف أن الطبقة السياسية لم تستطع التوصّل إلى إنتاج خطاب مشترك فيما بينها من شأنه أن يضبط قواعد اللّعبة قائلا إنّ هناك تطورا في سرديات العنف حيث كان يمارس من الدولة وأصبح يمارس داخل الدولة.

وأشار إلى وجود تحوّل في أشكال العنف حيث أصبحنا نشاهد العنف الرمزي من خلال التشويه الممنهج والمنع من مزاولة العمل وخرق الخصوصية مما حوّل العنف إلى أداة تعامل بين الفرقاء السياسيين تحت قبة البرلمان.

حل مفقود!


وتابع محدّثنا أنّ الحل لتجاوز أزمة العنف بالمجلس التشريعي ضاع بسبب الاستقطاب الثنائي مشيرا إلى أن عبير موسي نجحت في وقت ما في سحب بعض الأطراف إلى ساحتها من خلال اقترابها من بقية الكتل ثم انفضوا من حولها بسبب تجاوز طرفي الخلاف الأساسيين حدود اللعبة.

وأكّد أنّ الخطاب الاقصائي الذي تعتمده كلّ من عبير موسي من جهة وائتلاف الكرامة من جهة أخرى أصبح أداة عمل مشيرا إلى أنّ كلّ طرف نتاج للآخر لأن الإقصاء والتطرف مولد للإقصاء والتطرف، حسب تعبيره.

خطوة جيدة.. بشرط

واعتبر عبد الرزّاق المختار أنّ قرار منع عبير موسي من المشاركة في اجتماع مكتب المجلس أمس خطوة جيدة لكن يُشترط الالتزام بها وتطبيقها على الجميع بالمسافة ذاتها مشيرا إلى أنّه إذا تم التوصل إلى عقد شامل فإن المقاطعة الأخلاقية ممكنة من خلال مقاطعة أي طرف يمارس العنف من قبل بقية الكتل.
ودعا إلى تعميم قرار مكتب المجلس ليشمل الجلسات العامة واجتماعات اللجان إلى جانب توفير الإرادة اللازمة لتمرير النظام الداخلي بصيغته الجديدة على الجلسة العامة وإدراج قرار المنع ضمن هذا السند ليصبح قانونيا ومُلزما.



وبخصوص الدعوات لحلّ البرلملان الذي تتواتر إثر كل حادثة عنف، شدد المختار على أنّه غير متاح بالمعنى الدستوري لعدم توفر شرطيه، كما أن “حلم الفصل 80″، على حد وصفه يؤسّس للدكتاتورية الدستورية بعنوان ديمقراطي.
وأضاف أن هذه الدعوات مبالغ فيها لأنه لا يمكن أن يقوم نظام سياسي دون عمل طبيعي للبرلمان.