أكّدت النائب عن الكتلة الديمقراطية والقيادية بحزب التيار الديمقراطي، سامية عبّو، في حوار لـ”JDD”، اليوم الأحد 21 فيفري 2021، أنّه لم يتم تقديم العريضة الثانية لسحب الثقة من رئيس البرلمان قبل تجميع 109 توقيعات وهي الأغلبية المطلقة التي يفرضها القانون الداخلي لمجلس النواب لتمرير اللائحة عوضا عن 73 توقيعا التي تعتبر الحد الأدنى لتمريرها لتعرض أمام الجلسة العامة.
وأضاقت أن هناك إمكانية أكبر للوصول إلى 109 إمضاء هذه المرة بسبب إجماع مختلف الأطراف على تحول رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي إلى عائق أمام البرلمان والحكومة والرئاسة مبينة أنه أصبح يشكّل تهديدا لاستقرار البلاد، وفق قولها.
وشددت على أنّ المنطق يفرض أن يصوّت كل الموقعين لفائدة سحب الثقة وإذا لم يحضر خلال الجلسة يصبح غيابه ذا دلالة إما أن يكون قد تلقى مقابلا ماديا أو أنه قد تعرض لشبهات تضعه محل تهديد.

سرّ تغيّر خطاب التيار الديمقراطي تجاه عبير موسي

أوضحت سامية عبّو أن اللائحة السابقة لسحب الثقة من الغنوشي كانت بمبادرة من الكتلة الديمقراطية التي تولت التنسيق وجمع الإمضاءات كما قررت أنها لن تستخدم الإمضاءات الـ 16 التي جمعتها كتلة الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي، باعتبار حصول اللائحة على الـ 73 توقيعا اللازمة لعرضها، معتبره أنّ النتيحة واحدة لكن الخلفيات مختلفة، وفق قولها.
وتابعت أن الائحة الثانية ليست صادرة عن الكتلة الديمقراطية حيث تم الالتجاء إلى طريقة أخرى تتمثل في مضي كل كتلة في جمع توقيعاتها على حدى بتنسيق من العضوين غير المنتمين فيصل التبيني ومنجي الرحوي، ثم تقديمها لمكتب الضبط بصفة منفصلة مع الحفاظ على نفس نص العريضة.
وصرّحت أنه رغم الالتقاء مع عبير موسي في المعارضة وفي نقطة الاتفاق على أداء راشد الغنوشي الذي أصبح عبئا على الدولة التونسية فإنها ليست في التوجه ذاته لأنّ الخلاف بين الدستوري الحر وحركة النهضة صراع على السلطة في نفس المنظومة ، وفق قولها.

مشاورات سرّية بين النهضة والتيار لتشكيل حكومة جديدة؟

أكّدت سامية عبو في حوارها لـ”JDD”، أن التيار الديمقراطي لن يعقد مشاورات سرية ولا علنية مع حركة النهضة وإذا اتضح أنّ أحد منتسبي التيار تجاوز الحزب وقام بمساومات بصفة منفردة فإنه سيُحال على لجنة النظام لأنّ الموقف الرسمي لهياكل الحزب يقرّ بعدم وجود أي تقارب مع النهضة.
وأضافت أن ترويج هذه الإشاعة قد يكون بسبب اتخاذ قرار فردي من أحد قيادات الحزب وذلك لا يلزم التيار أو أن تكون محاولة لإفشال عملية جمع الأصوات لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب وشق صفوف النواب وبث الفتنة بينهم مرجحة الفرضية الثانية قائلة “إنه تشويه بغاية إرباك عملية سحب الثقة”.

التيار رفض التحوير الوزاري بسبب شبهات تضارب مصالح

شددت عبو على أن وضعية تضارب المصالح ينظمها نص قانوني واضح، إذ يمكّن الشخص الذي تقلد مسؤولية في الدولة مهلة بشهرين حتى يختار بين المنصب أو المواصلة في عمله الذي يضعه في وضعية تضارب مصالح.
وقالت إنه تم اكتشاف وضعية تضارب المصالح لإلياس الفخفاخ عندما كان على رأس رئاسة الحكومة وتزامن ذلك مع إجراءات الحجر الصحي الشامل وصدور منشور يقضي بتعليق آجال المحاكمات وخلاص الصكوك وغيرها ومن بينها الآجال التي حددها قانون تضارب المصالح.
وكشفت أنه من بين الأسماء التي اقترحها رئيس الحكومة هشام المشيشي في التحوير الوزاري الأخير، من تعلقت بهم شبهات فساد مالي ولهم ملفات أمام القضاء قائلة إن “تصريحات المشيشي التي أكد فيها أنه لا يعترف بالشبهة وأنها لا تلزمه”، موضحة أنه لا يمكن لشخص تعلقت به شبهات فساد مالي أن يصبح وزيرا.

وأضافت أن “حركة النهضة ليس لها مبدأ وتتاجر بقضايا الفساد، فإذا كانت ترغب في ضرب طرف تستخدم ورقة محاربة للفساد وإذا تعلق الأمر بأشخاص ترغب في تعيينهم فإنها تتغاضى عن شبهات الفساد وتطالب بأحكام قضائية لإثباتها”، حسب قولها.

كواليس سقوط حكومة الفخفاخ

صرّحت سامية عبو أنّه بالعودة إلى التصريحات والمسار الذي سبق استقالة حكومة إلياس الفخفاخ يتبيّن أنه تم إسقاطها لأن حركة النهضة لم تكن ترغب في وجودها منذ البداية إطلاقا لأنها ولأول مرة منذ 2011 لم تحكم بالأحزاب إنما مع الأحزاب وبالنسبة لها إذا لم تكن تملك الكلمة الفصل ولا تتحكم بالولاة والمعتمدين والمديرين العامين والمنشآت العمومية ومفاصل الدولة فهذه الحكومة خطر يهددها، حسب تعبيرها.

وقالت عبو إن حكومة الفخفاخ أقلقتهم لأنها فتحت عديد ملفات الفساد المتعلقة بهم خاصة بالأملاك المصادرة لرجل الأعمال مروان المبروك والأحكام القضائية التي لم تُلخّص منذ سنتين والأرصدة المالية للدولة المجمدة بالبنوك منذ 2011 وعدم تنفيذ قرارات المصادرة التي تعود إلى سنة 2015.

وأضافت أن النهضة “ضربت عصفورين بحجر واحد” فأسقطت الحكومة بدعوى محاربتها للفساد وضربت التيار الديمقراطي الذي عرف بمكافحته للفساد وإظهاره في ثوب المتستر عليه، معتبرة أن ذلك “قمة في الانحطاط وسقوط بالدولة”، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد وضعا صعبا جدا أوصل تونس إلى حافة الإفلاس.

هل أصبحت الكتلة الديمقراطية كتلة الرئيس؟

وأكدت عبو أن الكتلة الديمقراطية تقف في صف رئيس الجمهورية قيس سعيد على خلفية ما يبديه من تمسك بمبادئه وأحكام الدستور وانتصاره للشعب التونسي على حساب اللوبيات ورفضه للنظام “المافيوزي”، مشيرة إلى أنه إذا كان منسجما مع الحكومة وحزامها الداعم للتمشي الخاطئ فإنه سيكون محل معارضة من طرف الكتلة.
وأضافت أن المسألة لا تتعلق بشخص قيس سعيد وإنما التوجه الذي اختاره والمبادئ التي يحملها ويدافع عنها بغض النظر عن كيفية وشكل تقديمها الذي يمكن أن يختلفوا فيه معه.
وقالت إنه باعتبار قيس سعيد رئيسا للدولة وفقا لمقتضيات الفصل 72 من الدستور، فله صلاحية تأويل الدستور وإعطاء تمشّ للمصادقة على التحوير الوزاري في ظل غياب نص واضح ينظم العملية.
وكشفت أن سعيد قدّم للمشيشي أسماء 4 وزارء مقترحين تعلقت بهم قضايا فساد، في إطار أحكام الدستور التي تلزم الدولة بالقطع مع الفساد، لكنه لم يتدخل بفرض أشخاص دون غيرهم، قائلة إنه “لا مجال للاصطفاف مع من يعبث بالبلاد وأجرم في حقها ويقودها إلى الهاوية “.

لماذا لم يصارح سعيد الشعب التونسي؟

قالت سامية عبو إنها لا توافق أن يخرج رئيس الجمهورية أمام الملأ ويعلن عن أسماء الوزراء المتهمين بالفساد لأن رئيس الحكومة هو المعني بالأمر مضيفة أنّ عقد اجتماع مجلس لأمن القومي ليس اعتباطيا باعتيار أن التحوير الوزاري مسألة ترتقي إلى الأمن القومي للبلاد، مشيرة إلى أنه كان علنيا.
وصرحت أن التحوير تقرر يوم المصادقة على الحكومة حيث صرح رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي يومها، أنه سيتم تغيير 8 وزراء قائلة إن هؤلاء ليسوا أهلا للمسؤولية ويعبثون بالدولة وحوّلوا الدولة التونسية إلى مزرعة.