بقلم: إيمان الوسلاتي
تعيش تونس منذ سنة 2011، على وقع الأحداث الانتخابية المتتالية لتسارع الأحداث السياسية، ستكون الرئاسية المقبلة يوم 6 أكتوبر 2023 هي الانتخابات الحادية عشرة، وهنا يٌطرح السؤال حول أحقية فئة مهمة من التونسيين في المشاركة في العملية الانتخابية وفقا لشروط المواطنة الكاملة.
يقدّر عدد أصحاب الهمم في تونس بنصف مليون شخص، حسب تقديرات رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن ذوي الاعاقة رغم أنّ الاحصائيات غير الرسمية تذهب إلى أكثر من ذلك بكثير، ويتوزعون بين ذوي إحتياجات بصرية و سمعية ومكفوفين وصم.
حقوق أصحاب الهمم
لماذا نتحدّث عن حق أصحاب الهمم في المشاركة في العملية الانتخابية؟ هل يعني ذلك أنهم محرومون من حقهم كمواطنين؟
من حيث المبدأ، فإنّ كلّ المواطنين هم متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات حسب ما ينصّ عليه الدستور التونسي، ولكن إذا تعمقنا في ما يتوفر لأصحاب الهمم لممارسة شروط تلك المواطنة، فإننا نجد المسألة مخالفة لذلك.
تقول بوراوية العقربي الناطقة الرسمية باسم المنظمة التونسية للدفاع عن الأشخاص أصحاب الهمم إنّ هذه الفئة لم يشارك منها الّا 16 بالمائة فقط في الدور الثاني من الانتخابات المحلية لسنة 2024، وهي نسبة ضعيفة جدّا. مقابل 20 بالمائة في الدور الأول من نفس الانتخابات.
ماهو سبب ضعف إقبال أصحاب الهمم على المشاركة في العملية الانتخابية؟
أولا يمكن إرجاع ذلك إلى سبب عام يتمثل في العزوف عن المشاركة في الانتخابات منذ سنة 2021، اذ أنّ نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية 2023/2024 لم تتجاوز 10.27 بالمائة إضافة إلى عدم توفر الشروط الملائمة لمشاركة أصحاب الهمم مثلما تقول السيدة بوراوية العقربي.
غياب التواصل
حسب تقارير منظمات المجتمع المدني مثل تقرير جمعية “إبصار” فإنّ جل المراكز الانتخابية التي تمت ملاحظتها لم يوجد فيها مترجمون إلى لغة الإشارة أو صور توضيحية لذوي الإعاقة السمعية.
كما أنّ القانون المنظم للانتخابات في تونس غير متوفر في أي نسخة لأصحاب الهمم ، مثل طريقة “برايل” بالنسبة الى المكفوفين أو في نسخة مصورة بلغة الإشارات بالنسية للصم خاصة وأنّ أكثر من 95 بالمائة من فئة أصحاب الهمم السمعية هم أميون لعدم وجود مدارس مختصة في تونس وفق عمل للمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان ، مما يضطر البعض منهم إلى متابعة القنوات التلفزية التي تقدّم برامجها بلغة الإشارة وخاصة القنوات الفرنسية، لذلك فإنّ عددا كبيرا من ذوي االهمم السمعية متمكّنون من التعامل مع اللغة والثقافة الفرنسيتين، في حين يقفون عاجزين أمام حواجز عدم توفر الإمكانيات في تونس، وفي ذات السياق تقول بوراوية عقربي إنّ أصحاب الهمم يواجهون أيضا صعوبات على مستوى النفاذ إلى المعلومة في 95 بالمائة من المراكز التي تمت ملاحظتها لم يوجد فيها مترجمون إلى لغة الإشارة و56 بالمائة لم يوجد فيها صور ومعلقات توجيهية لمراحل الاقتراع بلغة الإشارة و23 بالمائة من مراكز الاقتراع لم توجد فيها حافظة برايل الخاصة باقتراع المكفوين و22 بالمائة لم تتوفر بها إضاءة داخل الخلوة بالنسبة لضعاف البصر و14 بالمائة لم يوجد بها عون توجيه وإرشاد.
القانون في مواجهة الممارسة
من جهته يقول رئيس جمعية إبصار محمد منصوري ، إن المرسوم عدد 10 لسنة 2023 و المتعلق بانتخابات المجالس المحلية والجهوية أعطى فرصة إضافية للمشاركة أصحاب الهمم في الحياة السياسية والعامة ، وأشار المنصوري إلى أنّ العديد من العراقيل اللوجستية واجهها أصحاب الهمم خلال الانتخابات البلدية لسنة 2018.
وذكر رئيس جمعية إبصار أن أصحاب الهمم في تونس يمثلون 12 بالمائة من السكان وهي نسبة مهمة على حد تعبيره.
الأمر لم يقف عند هذا الحد فقط، اذ لوحظ في كلّ الانتخابات التي جرت في تونس والتي بلغت عشرة عمليات انتخابية بين بلدية ومحلية وتشريعية ورئاسية بدورتيها، أنّ قرابة نصف مكاتب الاقتراع بها مدارج ومعيقات أمام الباب وهناك مكاتب بالطوابق العلوية مما يمنع أصحاب الهمم البدنية من بلوغها وبالتالي النفاذ إليها وفق ما أشارت إليه بوراوية عقربي.
يشار أيضا إلى أنّه لا يوجد موقع الكتروني واحد في تونس يقدّم المعلومة لأصحاب الهمم وهو ما يزيد في تهميشهم وعزلهم.
تبقى مشاركة أصحاب الهمم في العملية الانتخابية ناقصة وهي في حاجة إلى مراجعات خاصة على مستوى البنية التحتية والامكانيات اللوجستية وهي العبارة التي ختم بها محمد المنصوري رئيس جمعية ابصار.
إيمان الوسلاتي