برزت في السنوات الأخيرة عديد التحركات والاحتجاجات المطالبة بتأهيل القطاع الفلاحي ووقف نزيف الفساد والاحتكار الذي ينخر هذا القطاع من قبل فلاحين وأصحاب مشاريع فلاحية صغرى في عدة جهات بالبلاد في ظل تفاقم مشكلة التبعية الغذائية التي تضرر منها المستهلك بصفة مباشرة.
لوبيات الفساد تنتعش من الفلاحة
وأفاد التقرير السداسي للعدالة البيئية الصادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية “قسم العدالة البيئية” الصادر اليوم الإثنين 6 سبتمبر 2021 “أن القطاع الفلاحي في تونس يتجه نحو الانهيار الكامل جراء السياسات والخيارات الفاشلة التي تعتمدها الحكومات المتعاقبة في إدارة هذا القطاع الحيوي الذي يمثل شريان الاقتصاد الوطني.”
وجاء في التقرير “أن لوبيات الفساد المتمثلة في رجال أعمال وسياسيين يسيطرون على القطاع الفلاحي هي العامل الأساسي للاتجاه بالقطاع الفلاحي نحو الانهيار حيث تحقق مجموعة منهم أرباحا على حساب الفلاح والمربي اللذان يصارعان من أجل إنقاذ مورد رزقهم والمواطن ضحية غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.
وبالرجوع لواردات القطاع الفلاحي رصد التقرير أرقاما وصفها بالخطيرة تتعلق بالنقص المسجل في مستوى سلسلة الإنتاج والتوزيع تكشف أن تونس تعتمد على الواردات لتوفير حاجياتها من بعض المواد الأساسية في الوقت الذي لا تغطي فيه قيمة الصادرات الفلاحية سوى ثلث الواردات حيث بلغت نسبة توريد الحبوب لسنة 2018 40 بالمائة والزيوت النباتية ب 41.9 بالمائة و السكر ب8.4 بالمائة.
واعتبر المنتدى أن الصعوبات المختلفة التي يمر بها القطاع الفلاحي في السنوات الأخيرة سببها نقص مياه الري، و عدم توفر الأدوية والأعلاف، والتوريد العشوائي، واستيراد القمح و البذور الفاسدة في إشارة منه إلى “قضية القمح الفاسد بسوسة” التي مازال مصيرها غامضا حسب تعبيره.
قطاع أنهكته الديون المتراكمة
في السياق ذاته قال المنتدى أنه “جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج فقد القطاع أكثر من 12 ألف فلاح عن العمل الفلاحي، كما أن العديد من صغار الفلاحين في الشمال الغربي تخلوا عن الزراعات الكبرى لفائدة الزراعات المصدرة إضافة إلى رفض البنوك تمويل الدواوين والمنشآت العمومية المتخصصة في استيراد هذه المواد الحيوية مثل ديوان الحبوب الغارق في الديون التي بلغت 3300 مليار دينار” حسب تعبيره.
ويشار إلى أن نقابة الفلاحين قد أعلنت في بلاغ صادر يوم 5 سبتمبر عن مسيرة نحو قصر قرطاج سيتم تنظيمها يوم 8 سبتمبر احتجاجا على ما وصفوه ” بانهيار منظومة الإنتاج والتحرر من قبضة لوبي الأعلاف”.
وللتذكير فإن وزارة الفلاحة قد أصدرت بلاغا منذ شهر جويلية الفارط في إطار الرد على مقال نشره مرصد رقابة حول شبهات فساد بقطاع الحبوب أن “ديوان الحبوب منذ سنة 2017 يواجه صعوبات مالية ترجع بالأساس إلى حجم الأعباء المالية التي يتكبدّها من جرّاء تفاقم تعهداته لدى القطاع البنكي وهو ما تسبب في تأخير على مستوى فتح الاعتمادات المستندية الشيء الذي أثر على مستوى التزويد العادي للبلاد من الحبوب”.
إيمان العبيدي