دعت وزارة الخارجية الألمانية إلى وضع خارطة طريق للقيام بإصلاح دستوري حاسم في تونس، وذلك تعليقا على ما تشهده البلاد من أزمة سياسية منذ إقالة الحكومة وتعليق البرلمان، في جويلية.
جاء ذلك من خلال تدوينة نشرها المتحدث باسم الخارجية الألمانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دينيس كوميتات، على “تويتر” اليوم الأحد 26 سبتمبر 2021.
واعتبر كوميتات أنّ الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد هي أحادية الجانب، ودوّن :”تزايد القلق بشأن الإجراءات الأحادية الجانب التي اتخذها الرئيس سعيد.، وخارطة طريق لإصلاح دستوري حاسم. يجب احترام سيادة القانون ودور البرلمان”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية: “يجب احترام سيادة القانون ودور البرلمان التونسي”.
مظاهرات حاشدة في العاصمة مناوئة لإجراءات قيس سعيد
وسط تعزيزات أمنية مكثفة، تجمع الأحد 26 سبتمبر 2021 أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة نحو ثلاثة آلاف متظاهر احتجاجا على ما وصفوه “باستئثار الرئيس قيس سعيّد بسلطات الحكم” بعد قراراته التي اتخدها في25 جويلية والرامية إلى عزل رئيس الحكومة وتعليق عمل البرلمان وتولي مهام السلطة التنفيذية.
إلى جانب ذلك فقد مدد رئيس الجمهورية قيس سعيد تعليق اختصاصات البرلمان ووقف امتيازات النواب، بالإضافة إلى رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضاء البرلمان ومواصلة التدابير الخاصة بممارسة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
و أصدر سعيّد قراراً بإلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين ومواصلة العمل بالبابين الأول والثاني من الدستور التونسي وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع التدابير الاستثنائية المتخذة في البلاد.
إذ طالب المتظاهرون الرئيس بالتنحي عن منصبه، خاصة بعد قرارته الجديدة التي اتخذها هذا الأسبوع والتي وصفها المحتجون “بتجاهل لأحكام الدستور الصادر في 2014”.
“دستور النهضة”
ردد المتظاهرون المؤيدون للرئاسة والذين نزلوا إلى الشارع بصفة عفوية، شعارات وهتافات داعمة لإجراءات سعيد، مؤكدين أنها ستنقذ البلاد من الفساد والصراعات السياسية، وتمثل تصحيحا للمسار الثوري.
كما طالبوا بحلّ البرلمان بشكل نهائي وإلغاء العمل بما سموه “دستور النهضة”..
فيما رفع متظاهرون معارضون، وموالون لحزب حركة النهضة والأحزاب المؤيدة لها، شعارات ضد سعيد، مطالبين بعودة عمل البرلمان وعدم المساس بالدستور، وإطلاق سراح نواب كتلة ” ائتلاف الكرامة”.
في حين تدخل الأمن بين المحتجين من الطرفين بحواجز حديدية، لتجنب وقوع صدامات وحصول انفلات قد يصعب السيطرة عليه.
حالة شلل سياسي
وقد أكد سعيد أن الإجراءات التي اتخذها قاضية باستمرار تجميد اختصاصات البرلمان وتجريد الحصانة من أعضائه وإيقاف الامتيازت المخصصة لهم، وتعليق العمل بعدد من فصول دستور 2014، تمهيداً لطرح إصلاحات سياسية تشمل نظام الحكم وقانون الانتخابات.
و قال أن الخطوات التي اتخذها ضرورية للخروج من حالة الشلل السياسي والركود الاقتصادي ومعالجة ضعف إجراءات مكافحة جائحة فيروس كورونا.
وفي ردود الفعل المتصلة بالإجراءات الرئاسية، اعتبرت 18 جمعية ومنظمة حقوقية تونسية ودولية أن قرارات سعيد تمثل أولى الخطوات نحو الاستبداد في البلاد، كما اعتبرتها منعطفا ينطوي على تهديدات تمس حقوق الإنسان والتطلعات الديمقراطية للشعب التونسي.
وأكدت هذه المنظمات تمسكها بالمبادئ الديمقراطية، معبرة عن رفضها الاستحواذ على السلطة في ظل غياب الضمانات.
وشددت على دعم أي عملية تهدف إلى تجاوز الأزمة السياسية والدستورية الحالية بشرط احترام سيادة القانون، والتعبير الديمقراطي عن تطلعات الشعب التونسي.
وتحت عنوان “الدستور المقفل”، كتب الباحث والناشط السياسي سامي براهم: “من مواطن القوة في دستور الثورة “المفخخ” كما يقول بعض المتحذلقين أنّه مقفل في وجه الاستبداد، لا يمكن أن تجد منه منفذا للانقلابات وانحرافات المسار. كلّما أوّلته على غير ما تقتضيه روحه وسياقات مداولاته ووحدته النصية وجدت نفسك خارج الشرعية مذموما مدحورا. هذا ما أثار غضب من لديهم نروع انقلابيّ ووصموه بالمقفل والأصل أنّها خصلة لافتة وفضيلة تستحقّ التثمين”.