صدر أمر رئاسي بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية مؤرخ في 14 سبتمبر 2021، يتعلق بالموافقة على الإحالة لفائدة الدولة لمخصصات حقوق السحب الخاصة المسندة من صندوق النقد الدولي إلى الدولة التونسية، موضوع الاتفاقية المبرمة بتاريخ 14 سبتمبر الجاري، بين وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار والبنك المركزي التونسي. وينص على الموافقة على الإحالة لفائدة الدولة للمخصصات بمبلغ خمسمائة واثنين وعشرين مليون وخمسمائة وتسعة وأربعين ألفا وستمائة وثمانين من حقوق السحب الخاصة المسندة من صندوق النقد الدولي إلى الدولة التونسية، موضوع الاتفاقية الملحقة بهذا الأمر الرئاسي.

ماذا تعني حقوق السحب؟

في هذا السّياق، فسّر أستاذ الاقتصاد بجامعة قرطاج، الدكتور رضا الشكندالي لـ”JDD Tunisie”، اليوم الخميس 16 سبتمبر 2021، أنّه خلال الأزمات الاقتصادية والمالية الكبرى تلجأ الدّول إلى الترفيع في حقوق السّحب، أي السّيولة، موضّحا أنّ صندوق النقد الدولي بمثابة شركة مساهمة في رأس مالها الدول الأعضاء مع العلم أن نصيب تونس من الترفيع في حقوق السحب الخاصة حدود 775 مليون دولار.

رضا الشكندالي


وأضاف أنّ الأمر الرئاسي الذي نُشر بالرائد الرسمي يعني أنّ تونس ستسحب جزءً فقط من “رأس مالها” بحوالي 522 مليون دولار.

“الثقة انعدمت داخليا وخارجيّا”

وحول سبب اللجوء إلى هذه الخطوة، أكّد رضا الشكندالي أنّ المرجع الوحيد لمتابعة كيفية التصرّف في ميزانية الدولة في ظل غياب قانون تكميلي، هي وثيقة نتائج التنفيذ إلى حدود جوان 2021.
وتُظهر هذه الوثيقة، أنّه على مستوى الموارد الذاتية للدولة، الموارد الجبائية وغير الجبائية والهبات، فكانت متوقّعة في حدود 2.8 مليار دينار، في حين أنّه لم يتم توفير سوى 2.6 مليار دينار بعجز قيمته 200 مليون دينار شهريّا.
وفيما يتعلّق بموارد الاقتراض كان من المفترض تعبئىة 1.6 مليون دينار في حين وفّرت الدولة 1.2 مليون دينار موضحا أنّه تم الحصول على 500 مليون دينار من قيمة القروض الخارجية المتوقعة والمحددة بحوالي 1100 مليون دينار لكن في المقابل تحصلت الدولة على قروض داخلية بقيمة 700 مليون دينار بينما كانت قد حددت هذا المبلغ في قانون المالية بـ500 مليون دينار.

وتابع أنّ الدولة اقترضت من المؤسسات المالية والبنوك التونسية أكثر مما كان متوقعا بسبب عجزها عن إقناع الجهات المالية للحصول على القروض اللازمة مما خلّف حالة من انعدام الثقة في الدّاخل أيضا ودفع البنوك إلى رفض مزيد إقراض الدولة.
واستدرك الشكندالي قائلا إنّه رغم عدم توفّر الموارد اللازمة للدولة فإن نسبة العجز انخفضت، فبالرجوع إلى وثيقة تنفيذ ميزانية الدولة إلى حدود جوان الماضي يتبيّن مضي الدولة في سياسية التقشّف من خلال التخفيض في نفقات التسيير ونفقات الدّعم والتنمية مما وفّر حوالي 400 مليون دينار وبالتالي تخفيف العبء جزئّيا.
وأكّد أنّه إذا حصلت تونس على المبلغ المشار إليه من صندوق النقد الدولي، في ظل هذا الوضع السياسي الضبابي وغياب الثقة، فإنّها ستتمكّن من الحصول على الموارد اللازمة إلى حدود نهاية العام في ظل قانون مالية غير دقيق ومبني على فرضيات غامضة، كلّفت الدولة خسائر كبرى.