أثارت المساعدات الغذائية والطبية التي أرسلتها موريتانيا إلى الجمهورية التونسية لدعم جهودها في مجابهة فيروس كورونا ردود فعل متباينة على مواقع التواصل في تونس ما بين مثمن للخطوة مرددا المقولة الشهيرة “جاد الكريم بما لديه” ومتهكم عليها وعلى المتسببين في الوضع الذي أوصل تونس لطلب الإغاثة بعد إعلانها عن انهيار المنظومة الصحية في البلاد.

الأمر الذي دفع “JDD Tunisie” إلى إعادة التساؤل عن جوهر وماهية العلاقة التونسية الموريتانية

مساعدات غذائية وطبية

وفي هذا الإطار فقد أرسلت الجمهورية الإسلامية الموريتانية مساعدات غذائية وطبية لتونس يوم الأربعاء 14 جويلية 2021 من أجل مساعدة البلاد على مواجهة فيروس كورونا المستجد الذي يشهد انتشارا غير مسبوق في البلاد.

وأفادت الوكالة الموريتانية للأنباء أن طائرتين للخطوط الموريتانية حطتا في مطار قرطاج الدولي صباح أمس الأربعاء تحملان مساعدات طبية تتمثل في 15 طنا من الأسماك وعدد من أجهزة التنفس وأسرة إنعاش والكمامات الطبية.

هذا وقد رافق المساعدات فريقٌ طبي وممرضون لتعزيز ودعم جهود الطاقم الطبي التونسي في التصدي للجائحة.

وخلال مكالمة هاتفية أكد الرئيس الموريتاني محمد الشيخ ولد الغزواني للرئيس التونسي قيس سعيد أن الدعم المتبادل بين البلدين لا يُقاس بقيمته بل برمزيته وبما يعكسه من عمق أواصر التعاضد والتآزر التاريخي بين البلدين.

سخرية غير مبررة

وبعد الإعلان عن الخبر تدفق سيل من التعليقات السلبية التي تهكمت على هذه الخطوة بزعم “أن موريتانيا دولة فقيرة فكيف يصل الحال بتونس لأن تتلقى مساعدات منها” كما أن طبيعة المساعدات التي ضمت كميات معتبرة من السمك أثارت الكثير من الجدل في صفوف رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس.

الكاتبة التونسية مها الجويني المقيمة بموريتاني ترد على المتهكمين على المساعدات الموربيتانية

https://web.facebook.com/100001525280863/videos/773966913275117/

إلا أن ذلك لم يستمر طويلا حيث دخل عدد من المثقفين في تونس لتصحيح هذا الموقف خاصة أن هذه التعليقات السلبية بدأت تصل إلى الأوساط الموريتانية وكادت تتسبب في تعكير الجو بين الجارتين الشقيقتين معتبرين أن غضب الشعب على أداء الطبقة الحاكمة لا يجب أن يصل إلى حد الإساءة لشعب وحكومة قررا التدخل وأخذ زمام المبادرة ومد يد العون لتونس في إحدى أحلك الفترات التي تمر بها البلاد.

علاقات تاريخية متجذرة

تتميز العلاقة بين تونس ونواكشوط بالعراقة والتجذر تقوم على عدة أبعاد ومجالات منها المجال السياسي حيث يُعد الاعتراف التاريخي للزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بأحقية الجمهورية الإسلامية الموريتانية باستقلالها عام  1960 اللبنة الأولى لعلاقة قوية بين البلدين في المجال الاقتصادي والثقافي والتعليمي.

المجال الاقتصادي والتعليمي

تشهد المبادلات التجارية بين مطار قرطاج الدولي ومطار أم التونسي تطورا هاما حيث تم تقدير هذه المبادلات بين المطارين سنة 2017 بحوالي 60 مليون دولار سنويا، وتمثل الأدوية والتمور والمواد الصناعية والغذائية أبرز الصادرات التونسية إلى نواكشوط، هذا بالإضافة إلى عديد الشركات والمستثمرين التونسيين المقمين في موريتانيا.

كما تستقبل الجمهورية التونسية ما يزيد على 200 طالب موريتاني سنويا نصفهم ممنوحون من الحكومة التونسية ويتم كل عام فتحُ مراكز امتحان بمقر السفارة التونسية في نواكشوط لفائدة الطلبة الموريتانيين لاجتياز المناظرات للدخول إلى مدارس تكوين المهندسين إلى تونس فيما تستقبل جامعة نواكشوط العصرية 15 طالبا معظمهم يدرس في كلية الطب.

وتحت مظلة الأمم المتحدة فقد تم إرساءُ تعاون بين المعهد الأعلى للقضاء بتونس ووزارة العدل الموريتانية لتأمين دوراتٍ تكوينية لفائدة قضاة وكتاب محاكم موريتانيين في تونس، وتجدر الإشارة إلى أن أول دفعة من القضاة الموريتانيين قد درست في تونس سنة 1960 

تونس الوجهة الاستشفائية المحبذة عند الموريتانيين

يمثل القطاع الصحي مجالا هاما في التعاون الثنائي بين البلدين، حيث تعتبر تونس الوجهة الاستشفائية المحبذة عند الموريتانيين، إذ تستقبل المصحات التونسية عديد المرضى الموريتانيين سنويا من أجل العلاج والسياحة كما توجد حركية هامة بين الأطباء الموريتانيين ونظرائهم التونسيين في التشارك في الملتقيات الخاصة بين البلدين.

وتشهد العلاقة التونسية الموريتانية تطورا ملحوظا في عدة مجالات أخرى كالإسكان والعمران والنقل الجوي والإدارة والثقافة والشباب والرياضة.

وفي الأخير فإن الشعب والحكومة الموريتانيين أرادا من خلال هذه الخطوة أن يعبرا عن تعاطفهما مع الشعب التونسي وأن يردا القليل من الجميل الذي قدمته تونس ولا تزال تقدمه للموريتانيين وأي ردود سلبية على هذه المبادرة لا يمكن أن تعكر صفو علاقات تمتد لعشرات السنين بين البلدين وما صدرت هذه التعليقات من هذه الفئة القليلة إلا عن جهل بما تمتلكه موريتانيا من ثروات طبيعية ضخمة كيف ولا وهي تستحوذ على ثاني أغنى شاطئ في العالم إضافة إلى المخزون الهام من الذهب والحديد وغيره…