كاريكاتور لصحيفة الغد

في ظلّ الظّروف الاستثنائيّة الّتي تمرّ بها البلاد منذ إعلان رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد قراراته لتعليق عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة ومستشاريه في الـ 25 من جويلية الجاري، انهمرت الإشاعات من كلّ حدب وصوب.


عند تصفحنا لمواقع التّواصل الاجتماعي يعترضنا سيل جارف من الأخبار بشأن اعتقالات وإيقافات وإقالات ليتبيّن فيما بعد أنّ أغلبها مجرّد إشاعات وأخبار لا أساس لها من الصحّة.


الإشاعة متجذّرة في التّاريخ

لا تعتبر الإشاعة مسألة مستحدثة فهي ضاربة في عمق التّاريخ البشري، فقد ابتدعها الأقدمون وأتقنوا استخدامها وتوجيهها بما يخدم مصالحهم ولغايات معيّنة.

وتطوّر مفهوم الإشاعة عبر التّاريخ ونطاق استعمالها ليشمل المجالات السياسيّة والعسكريّة والأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، حيث أصبحت الإشاعة اليوم من أهمّ الوسائل التّكتيكيّة الّتي تستخدمها الدّول لتنفيذ خطط بعيدة المدى وفق استراتيجيّة محدّدة.

تموقع اجتماعي

يقول الباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير في تصريح لموقع لـ JDD Tunisie إنّ “الشّعب الفايسبوكي” في الدّول النّامية بصفة عامّة، يتناقل الإشاعة بطريقة سريعة وأسرع من البرق في بعض الأحيان، وتونس لم تشذّ على هذه القاعدة.


وأضاف، تقول “هيلين هارتون” أستاذة علم النفس في جامعة أيوا الشمالية “لدينا ميل إلى إعطاء وزن للمعلومات السلبية أكثر من الإيجابية. ولهذا مغزى تاريخي من ناحية تطورية، فمنطقيّا كان علينا أن نعرف كيف نتجنب نمراً في الغابة أكثر من أن نعرف أين يوجد حقل من الزهور الجميلة. طبعاً، معظمنا لا يخاف الآن من النمور، لكننا نجزع، مثلاً، من التسريح من العمل، لذلك نرمي الإشاعات شمالاً ويميناً لمعرفة ماذا يجري”.

وأشار إلى أنّ التركيبة النفسيّة لأغلب البشر تجعلهم يروّجون الأخبار السلبية على حساب الأخبار السارّة، ربّما لمحاولة تحقيق تموقع اجتماعي عن طريق هذه الاستراتيجيّة.

كسل الدّماغ


يشير الباحث في علم الاجتماع إلى أنّ انتشار الإشاعة بسرعة سببه كسل الدّماغ وسرعة استهلاكه الأخبار الكاذبة.


ويضيف، نتذكر في هذا السياق، دراسة أجراها عالم النفس الأسترالي ستيفان لاندوفسكي عن سبب تفشي المعلومات الكاذبة وانتشارها في غضون ثوانٍ حول العالم، حيث استنتج ستيفان أن الدماغ البشري يستهلك طاقة أقل للتصديق عندما يكون البيان كاذبا… وقال : “إما نحن كسولون وإما أن أدمغتنا كسولة أو كليهما، فإيجاد الحقيقة يتطلب وقتاً وجهداً، ونحن لا نملك أياً منها”.


الموجات السّلبيّة

وأفاد بن نصير بأنّ النتيجة والخلاصة من خلال هذا، أنّ التونسي لديه موجات سلبية، وكما قالت هيلين هارتون، فالشّخص العادي يحاول إفراغ سلبيّته في الإشاعات ويبثّها في كلّ مكان يبدى عبر اليمين وعبر الشّمال، وحسب دراسة ستيفان لاندوفسكي، نستنتج أنّ التونسي بخيل جدّا وكسول ولا يريد أن يتعب من خلال مجهود عقلي كي يفهم أو يستفسر أو يحلل أيّ معلومة، فالسلبية والكسل هما الأرضية الملائمة لانتشار الإشاعة.