بدأت بوادر إذابة الجليد بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس الحكومة هشام المشيشي تُكشف من خلال اللّقاء الذي جمع الطرفين يوم 26 ماي 2021، الملفت للانتباه في هذه الاجتماع الذي جاء بعد أشهر من “القطيعة” أنّ سعيّد استبقل المشيشي بصفته وزيرا للداخلية بالنيابة في اعتراف ضمني بالتحوير الوزاري الذي أجراه الأخير في جانفي الماضي والذي أشعل خلافا بين رأسي السلطة التنفيذية.



كما يُقرأ هذا اللقاء من زاوية إعادة الالتقاء بين المشيشي والرئيس سعيّد الذي اقترحه لتولي إدارة القصبة قبل أن يدخل الطرفان في دوامة خلافات وتصريحات متضاربة.

وكانت هذه الخطوة إلى الأمام في علاقة ساكن قرطاج بساكن القصبة مطلبا من جميع المتداخلين في العملية السياسية في تونس خاصة في ظل ظرف اقتصادي ومالي صعب زاد الوباء في تعميقه وتُرجم هذا الالتقاء من خلال زيارات دولة أداها الرجلين إلى قطر وليبيا خاصة، بغاية التوصّل إلى أكثر مايمكن من قروض وهبات لسدّ ثغرات ميزانية الدولة ومعالجة تبعات الأزمة الصحيّة.

ولم تكن هذه التحرّكات الماراطونية محض صدفة باعتبار أنّها لاقت الدّعم والمساندة من الاتّحاد العام التونسي للشغل الذي رافق أمينه العام نورالدين الطبوبي، هشام المشيشي إلى ليبيا إلى جانب كوادر منظمة الأعراف.


في كواليس هذه التحركات تقف شخصيّة تونسية نجحت في أوج صراع أذرع السلطة في تونس في المحافظة على علاقاتها المتميزة برئسي السلطة التنفيذية، هو الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع مجلس نواب الشعب علي الحفصي.
لقد استطاع علي للحفصي في ظل كل الصراعات التي عرفتها تونس أن يحافظ على علاقات داخلية وخارجية متينة وظفها في خدمة البلاد.

وبفضل علاقاته الشخصية أيضا، مع صنّاع القرار في كلّ دول الخليج تقريبا خاصّة السعودية والإمارات وقطر بالإضافة إلى مصر وأوروبا، ووقوفه على المسافة ذاتها من كل الأطراف في ليبيا، نجح في التنسيق والتمهيد للزيارات التي أداها الرئيس سعيّد إلى كلّ من قطر وليبيا والتي تُرجمت على أرض الواقع بإبرام عدة اتفاقات ذات طابع اقتصادي.




ويقف الحفصي كذلك وراء تجميع كلّ الأطراف الاجتماعية الوازنة مع المشيشي في زيارته إلى ليبيا حتى تحصل تونس على نصيبها من إعادة إعمار ليبيا وبعد أسابيع تأتي زيارة ثانية بثلاثة أيّام لرئيس الحكومة إلى الدوحة وصفتها رئاسة الحكومة بـ”الفرصة الهامة لمزيد تدعيم علاقات التعاون القائمة بين البلدين في كل المجالات وخاصة في المجال الاقتصادي.”