تحيي تونس وسائر دول العالم في الثالث من شهر ماي من كل عام، اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي ينتظم هذا العام تحت شعار “المعلومات منفعة عامة”، وتعتبر هذه المناسبة فرصة لتسليط الضوء على أهمية الدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام أثناء الأوقات العصيبة والأزمات التي تمر بها المجتمعات، ولاسيما خلال الأزمة الصحية العالمية الراهنة، فماذا تغير في الإعلام التونسي عن السنة الفارطة؟
اكتسب الإعلام التونسي نصيبا من الحرية إبان ثورة 14 جانفي، الذي كفل له تصدر المرتبة الأولى عربيا في مجال حرية الصحافة خلال السنوات الأخيرة، حيث كان يحتل مراتب متأخرة، قبل الثورة، وصلت إلى المرتبة 139 عالميا، كما شهدت تونس قفزة كبيرة في مؤشر حرية الإنترنت، حيث تحتل المرتبة 23 عالمياً في سنة 2020، وهو ما تشهد به التقارير الدولية.
تراجع حرية الصحافة بمرتبة في تونس لأول مرة منذ الثورة
رغم ما حققته تونس من تقدم في مستوى حرية الصحافة إلا أنها تراجعت بنقطة وحيدة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2021 الصادر سنويا عن منظمة مراسلون بلا حدود، وحلت في المرتبة 73 بعد أن كانت في المرتبة 72 في تصنيف 2020.
وتقول المنظمة إنه منذ انتخابات عام 2019 “أصبحت هذه الحرية رهانا سياسيا أكثر من أي وقت مضى، حيث لم يعد البرلمانيون والسياسيون اليمينيون يترددون في مهاجمة الفاعلين الإعلاميين علانية”.
من جهته اعتبر مدير مكتب المنظمة بتونس، صهيب الخياطي، أن هذا التراجع هو “مؤشر خطير جدا في دولة ترى في حرية التعبير والصحافة أهم المكاسب “، موضحا أن الإطار التشريعي المتعلق بحرية الصحافة في تونس غير مكتمل، وهو من بين المؤشرات التي تسببت في تراجع تصنيف تونس، وأرجح أن جائحة كورونا مثلت عائقا أمام الصحفيين في الحصول على المعلومة.
إن تراجع ترتيب تونس كان متوقعا، حسب نائبة رئيس نقابة الصحفيين التونسيين أميرة محمد، وتعود هذه الأسباب إلى الاعتداءات التي طالت الصحفيين خلال أداء عملهم، وإلى الفترات الماضية التي سجلت محطات كبرى في المواجهة بين الصحفيين والحكومة والبرلمان في علاقة بمشاريع القوانين التي تخص القطاع” وفق تقديرها.
وأضافت قولها “إن سنة 2021 انطلقت بمؤشرات خطيرة جدا لعل آخرها التعيينات المسقطة على رأس إذاعة شمس أف أم ووكالة تونس إفريقيا للأنباء واقتحام قوات الأمن لمقر الوكالة لفرض تعيين سياسي، وهو ما اعتبرته “ضربا في العمق لاستقلالية وسائل الإعلام”.
صعوبات القطاع الإعلامي
تعرف المؤسسات الإعلامية في تونس، صعوبات متراكمة، تعود إلى ما قبل عام 2011، وتفاقم العجز في جزء كبير منها بسبب أزمة كورونا منذ السنة الفارطة.
وفي هذا الصدد أكدت مديرة معهد الصحافة وعلوم الإخبار، حميدة البور في تصريح سابق لـ ””JDD، مطلع فيفيري الفارط، أن جائحة كورونا عمقت الأزمة الاقتصادية لوسائل الإعلام حيث أن الإنتاج الصحفي تأثر بعدة تغييرات منها العمل عن بعد وإغلاق بعض المؤسسات الإعلامية أبوابها على غرار الصحف الورقية.
من جهته أكد الصحفي ناجي البغوري أن أزمة كورونا كشفت الجانب الاقتصادي الهش لوسائل الإعلام من حيث طريقتها في إدارة وحوكمة مؤسساتها، ورفعت الغطاء عن تمويل وسائل الإعلام حيث أن جزءا أساسيا منها تعتمد تمويلا مشبوها وغير واضح.
كما أشار البغوري أن جائحة كورونا أثرت سلبا على الصحفيين باعتبارهم الحلقة الأضعف داخل المؤسسات الإعلامية حيث تم التخلي عن عدد كبير منهم أو التخفيض في أجور بعضهم وهو ما سيؤثر سلبا على جودة الإعلام.
تنامي ظاهرة الاعتداء على الصحفيين
في المقابل، سجلت وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية بالنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، 28 اعتداءً طالت الصحافيين خلال شهر مارس لوحده، وقد ورد على الوحدة 35 إشعارا بحالات هرسلة وتعنيف.
طالت الاعتداءات 37 ضحية، توزعوا إلى 26 صحفيا وصحفية و11 مصورا ومصورة صحفية، وقد توزع الضحايا حسب الجنس إلى 11 سيدة و26 رجلا تصدر الأمنيون ترتيب المعتدين على الصحفيين خلال شهر مارس 2021، حيث كانوا مسؤولين عن 12 اعتداءات، تلاهم نواب شعب ونشطاء بـ 3 اعتداءات لكل منهما.
وكانت الوزارات مسؤولة عن اعتداءين اثنين، تلاها إعلاميون وأنصار حزب سياسي ومحتجون وسياسيون وعمال بمؤسسة خاصة وأطباء وتجار ونشطاء مجتمع مدني باعتداء وحيد لكل منهم.
هذا وقد نشرت وزارة الشؤون الخارجية بيانا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، يوم الاثنين 2 ماي الجاري، تأكد فيه أن حرية الصحافة والإعلام تشكل حجر زاوية في منظومة حقوق الإنسان والحريات ودعامة أساسية للديمقراطية وسيادة القانون، ذلك أنه لا ديمقراطية بدون صحافة حرة، كما أنه لا إعلام حر دون توفير بيئة آمنة تضمن سلامة الصحفيين وحمايتهم من جميع أشكال التضييقات والتهديدات التي تحول دون ممارسة مهامهم بشكل طبيعي.