قال رئيس نقابة الصحفيين مهدي الجلاصي لـ‎ “JDD”‎‏أن “هناك تعددا في ‏وسائل الإعلام، لكنها تشترك جميعا في نفس النظرة للإعلام من خلال ‏نشر الرداءة على حساب التعددية وتغييب التمثيل الحقيقي لفئات المجتمع”‎.‎‏
 
فهل تعكس التعددية في وسائل الإعلام ثراء وتنوع المجتمع التونسي؟ ‏وهل يقدم الإعلام التونسي محتوى ذا جودة؟
 
لقد عرف الحقل الإعلامي في تونس بعد الثورة واقعا جديدا من حيث ‏مساحة الحرية المكتسبة التي ساهمت في تعدد وتنوع المشهد الإعلامي ‏الجديد بحسب ما قاله رئيس النقابة السابق ناجي البغوري.
ويشير البغوري في حديثه لـ‎ “JDD”‎، أن التعدد الكمي يطغى في وسائل ‏الإعلام على حساب التعددية النوعية خاصة في الإعلام التقليدي الذي ‏تحول اليوم من وسائط للنقاش العام والنفاذ للمعلومة وإبداء الرأي  إلى ‏وسائط للإعلان التجاري والسياسي‎.‎
بدوره يرى الأكاديمي والباحث في الميديا صادق الحمامي أن وسائل الإعلام ‏التونسية لا تعكس واقع البلاد، حيث أن هناك تنميطا كبيرا في وسائل ‏الإعلام خاصة السمعية البصرية منها، كما أن العدد الهائل لوسائل ‏الإعلام ليس سوى تعددية شكلية لأن هنالك نموذجا واحدا يتكرر من وسيلة ‏إلى أخرى، وفي كثير من الأحيان تتكرر نفس المضامين الصحفية من ‏موقع إلى آخر‎.‎
من جهته يوضح رئيس نقابة الصحفيين مهدي الجلاصي لـ‎”JDD” ‎ أن ‏هناك تعددا في وسائل الإعلام، لكنها تشترك جميعا في نفس النظرة ‏للإعلام من خلال نشر الرداءة على حساب التعدد وتغييب التمثيل الحقيقي ‏لفئات المجتمع‎.‎
ويشير رئيس النقابة إلى أن الحقل الإعلامي في تونس يجب أن يتجه أكثر نحو ‏التعددية لضمان تمثيل كافة أطياف المجتمع التونسي بكل اختلافاته وألوانه ‏وأقلياته وكل شرائحه العمرية‎.‎


الصحافة التونسية في أرقام‎ ‎

حسب موقع الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري يوجد حاليا:
8 قنوات تلفزية خاصة حاصلة على إجازة من الهيئة العليا المستقلة ‏للإعلام السمعي البصري
‏‏‎3 قنوات تلفزية غير حاصلة على إجازة
‎2 قنوات تلفزية عمومية
‏‎22 قناة إذاعية خاصة
10 قنوات إذاعية عمومية
‏‎ 18قناة إذاعية جمعياتية
‎ ويوجد حوالي 50 صحيفة (ورقية ورقمية)‏‎، إضافة إلى 1578 صحفي محترف سنة 2020، منهم 833 امرأة أي بنسبة 53 بالمائة ‏و‎750 ‎ صحفيا أي 47 بالمائة وذلك حسب دراسة أنجزتها النقابة الوطنية للصحفييين التونسيين وفق قاعدة بياناتها لسنة 2019 حول النوع الاجتماعي.
وفي هذا الإطار يؤكد الدكتور في قانون الإعلام والأستاذ بمعهد الصحافة ‏وعلوم الإخبار عبد الكريم الحيزاوي، أنه يجب الاعتماد على إحصائيات ‏اللجنة الوطنية لإسناد البطاقة المهنية للصحفيين، المتمثلة في الصحفيين ‏ومديري الصحف والمؤسسات الإعلامية، وهي الجهة الوحيدة المخولة ‏لإعطاء البطاقة الوطنية الرسمية حيث أن البطاقة المعتمدة من قبل نقابة ‏الصحفيين تعبر على الانتماء النقابي‎ فقط.


‎ ‎جودة الإعلام التونسي


حسب دراسة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية تحت ‏عنوان “الإعلام التونسي ما بعد الثورة: من هيمنة السلطة إلى سطوة ‏الإيديولوجيا ولوبيات المصالح”  فإنّ قطاع الإعلام لم يشهد تحسنا على ‏مستوى التشغيل والأجور والحقوق المهنيّة والاجتماعيّة للصحافيّين،إلى ‏جانب تواصل تخبّط المؤسسات الإعلامية في عدد من الصعوبات ‏ناجمة عن ضبابية النصوص القانونيّة وغياب الدعم الكافي من الدولة‎.‎
 
وبهذا الخصوص يصرح الأستاذ الجامعي صادق الحمامي لـ‎ ‎”JDD” ‎‏ بأن الإعلام التونسي لا يقدم محتوى ذا جودة، فالنموذج السائد اليوم ‏هو نموذج الإعلام الترفيهي والتجاري الذي صمم للحصول على موارد ‏إشهارية، كما أن وسائل الإعلام اليوم تتخلص من صناعة الأخبار لصالح ‏صناعة الترفيه.‎
 
ومن جهته قال مهدي الجلاصي، رئيس نقابة الصحفيين، إن أغلبية ‏البرامج التي تحظى بنسبة متابعة كبيرة اليوم، للأسف هي برامج ترفيهية ‏‏”لتسطيح الوعي”، حيث تستضيف أشخاصا غير مؤهلين للحديث في ‏الشأن العام حسب معايير غير مهنية، باستثناء قلة قليلة من البرامج ذات ‏الجودة التي تقوم على التحقيقات والتقصي والتي تعالج القضايا الحقيقة ‏للتونسيين‎.‎


صعوبات القطاع الإعلامي‎ ‎


تعرف المؤسسات الإعلامية في تونس، صعوبات متراكمة، تعود إلى ما ‏قبل عام 2011، وتفاقم العجز في جزء كبير منها بسبب أزمة كورونا منذ السنة ‏الفارطة‎.‎
وفي هذا الصدد أكدت مديرة معهد الصحافة وعلوم الإخبار، حميدة البور ‏لـ”‎”JDD‎، أن جائحة كورونا عمقت الأزمة الاقتصادية لوسائل الإعلام ‏حيث أن الإنتاج الصحفي تأثر بعدة تغييرات منها العمل عن بعد وإغلاق ‏بعض المؤسسات الإعلامية أبوابها على غرار الصحف الورقية‎.‎
وصرح الصحفي ناجي البغوري أن أزمة كورونا كشفت الجانب الاقتصادي الهش لوسائل الإعلام من حيث طريقتها في إدارة وحوكمة ‏مؤسساتها، ورفعت الغطاء عن تمويل وسائل الإعلام حيث أن جزءا أساسيا ‏منها تعتمد توميلا مشبوها وغير واضح‎.‎
كما أشار البغوري أن جائحة كورونا أثرت سلبا على الصحفيين ‏باعتبارهم الحلقة الأضعف داخل المؤسسات الإعلامية حيث تم التخلي ‏عن عدد كبير منهم أو التخفيض في أجور بعضهم وهو ما سيؤثر سلبا ‏على جودة الإعلام‎.‎
بالرغم من جملة المصاعب والتحديات التي يواجهها القطاع الإعلامي في ‏تونس إلا أن تونس تحتل المرتبة 72 من بين 180 بلدا في التصنيف ‏العالمي لحرية الصحافة لسنة 2020 والذي تصدره مراسلون بلا حدود ‏كل عام‎.‎