توفي يوم الأحد 23 ماي 2021،  المحامي ورجل السياسة أحمد المستيري، أحد أبرز وجوه الحركة الوطنية في تونس، عن عمر يناهز 96 عاما  بعد مسيرة سياسية ونضالية طويلة، أطلق خلالها عليه لقب “أبو الديمقراطية التونسية”.

ولد أحمد المستيري يوم 2 جولية 1925 بتونس العاصمة، وتحديدا في ضاحية المرسى، في عائلة ثرية من كبار الملاكين العقاريين المرتبطين لمدينة تونس، وتعود بجذورها إلى مدينة المنستير وهو ابن الطاهر المستيري.

من هو أحمد المستيري؟

بدأ المستيري نشاطه السياسي الوطني مبكرا حيث انتمى منذ سن السابعة عشرة في عام 1942  إلى الشعبة الدستورية بالمرسى، وكان معه آنذاك عديد الأسماء التي تحولت بعد الاستقلال إلى أعمدة بناء الدولة الوطنية التونسية نذكر منها الطيب المهيري.

ثم درس الحقوق بالجزائر بين 1944 و1948، ثم بمعهد الدراسات السياسية وكليّة الحقوق بباريس حيث أحرز على الإجازة ومنذ عام 1948 انخرط في مهنة المحاماة بتونس العاصمة.

ويلقب المستيري في تونس بـ”أبو الديمقراطية” لكونه أول من عارض في العلن الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، بعد تبنيه لخطة التعاضد الزراعي، وهو ما كلفه الاستبعاد من الحزب الاشتراكي الدستوري لسنتين منذ عام 1968، قبل طرده نهائيا منه عام 1973 .

وأسس الراحل عام 1978 أول حزب معارض في البلاد، أطلق عليه حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وتم توقيفه وسجنه بعد 8 سنوات من تأسيس الحزب، قبل فترة قصيرة من انسحابه من الحياة السياسية.

وعاد اسم المستيري إلى التداول بعد ثورة يناير 2011، إذ منحه تاريخه السياسي مكانة اعتبارية، جعلته الشخصية السياسية الأولى التي يتم اللجوء إليها في أي صراع أو خلاف.

مشاورات رئيس الجمهورية السيد محمد المنصف المرزوقي مع عدد من الشخصيات السياسية التونسية – 07-02-2013



 محطات في مسيرته

في عام 1948 بدأ أحمد المستيري حياته المهنية كمحام، ثم انضم إلى جامعة الحزب الحر الدستوري الجديد بتونس قبل أن يلتحق في جانفي 1952 بالديوان السياسي السري للحزب الذي أصبح يقوده فرحات حشاد والصادق المقدم،  في أوت 1954، أصبح مدير ديوان وزير الداخلية المنجي سليم. 

عين أحمد المستيري رأس كتابة الدولة للعدل في 14 أفريل  1956في أول حكومة شكلها الحبيب بورقيبة بعد الاستقلال، تمّ تعيين  المستيري على رأس كتابة الدولة (أي وزارة).

شغل منصب ممثل تونس في مجلس الأمن للأمم المتحدة إثر النزاع مع فرنسا بعد  قصف ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958، وفي 24 جوان 1966، عاد إلى تونس ليتولى وزارة الدفاع. 

وفي 12 جوان عين وزيرا للداخلية، لكنه استقال في 21 جوان 1971 نظرا لعدم وفاء  بورقيبة بوعوده بخصوص الانفتاح السياسي.

شاهد على العصر.. المستيري وعصر بورقيبة
22 ديسمبر 2013

كما انتخب في أكتوبر 1971  في اللجنة المركزية للحزب، ولكن بورقيبة علّق نشاطه قبل  طرده منه نهائيا في 21 جانفي 1972، وفي 20 جويلية 1973 طرد من البرلمان الذي كان عضوا فيه منذ الاستقلال.

أحزاب وشخصيات تنعى المستيري

نعى رئيس الحكومة هشام المشيشي الفقيد، مشيرا إلى أن الفقيد يعتبر أحد أبرز المناضلين الوطنيين في زمن الاستعمار، ومن بناة الدولة التونسية الحديثة بعد الاستقلال، حيث تقلّد عديد المناصب الوزارية، على غرار الدفاع والداخلية والعدل والمالية، وأسس بعد ذلك حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، فيما قد تم ترشيحه خلال الحوار الوطني سنة 2013 لترؤس الحكومة التونسية.

وأصدر البرلمان التونسي نعيا رسميا للمستيري، معتبرا أنه من أهم الشخصيات التي ساهمت في إرساء العمل السياسي وتأسيس الدولة الوطنية بعد الاستقلال.

كما نعت الفقيد كتل برلمانية وأحزاب ومن بينها كتلة حركة النهضة وحزب التكتل الذي يعتبر المستيري “الأب الروحي للحزب” وجاء في تعزيته “فقدت تونس اليوم أحد عظمائها، أحد أهم مؤسسي وبناة الدولة الوطنية وأكبر زعماء الحركة الوطنية والحركة الاشتراكية الديمقراطية التونسية الزعيم أحمد المستيري”.