أثار الفيديو  الذي نشره النائب راشد الخياري ليلة الاثنين 19 افريل 2021 والذي وجه فيه اتهامات خطيرة لرئيس الجمهورية موجة من الانتقادات الواسعة حيث طالب المتابعون للشأن العام بمحاسبة النائب على تصريحاته واتهاماته المتكررة مطالبين برفع الحصانة عنه حتى يتمكن القضاء من محاسبته.

وصدرت يوم الخميس 22 افريل 2021 عن قاضي التحقيق الأول لدى المحكمة الابتدائية العسكرية بطاقة جلب ضد النائب راشد الخياري على إثر إحالة تقرير الاطلاع على فيديو النائب الذي نشره إلى الوحدة الأمنية المختصة.

اتهامات خطيرة تُنسب لراشد الخياري

 اتهم الخياري رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي تحداه برفع الحصانة و اللجوء الى القضاء مؤكدا :” لدينا جميع الوثائق التي تثبت تورطه مع الجهات الامريكية و تلقيه لدعم مالي فاسد في حملته الانتخابية” ، كذلك أشار النائب الى ان قيس سعيد كان على علم بالصهيوني الذي فضح نبيل القروي :” كان ذلك بغاية فسح المجال امام قيس سعيد للفوز في الانتخابات و لضرب نبيل القروي “.

 ووجه قاضي التحقيق التهم بناء على الفصول 91 من مجلة المرافعات و العقوبات العسكرية و 60 مكرر ثالث و 61 مكرر ثانيا و 68 و 72 من المجلة الجزائية.

و تنصّ كل من الفصول 60 مكرر على أنه يعد مرتكبا للتجسس ويعاقب بالإعدام كل أجنبي يقترف فعلا من الأفعال المشار إليها بالفقرات 2 و3 و4و5 من الفصل 60 وبالفصل 60 مكرر من هذه المجلة. ويستوجب نفس العقاب المقرّر للجرائم المنصوص عليها بالفصلين 60 و60 مكرر من هذه المجلة كل من يحرض عليها أو يعرض القيام بها.

وينص الفصل 61 مكررا ثانيا

يعدّ مرتكبا لاعتداء على أمن الدولة الخارجي ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها بالفصل 62 من هذه المجلة كل تونسي أو أجنبي، أوّلا: يحاول بأي طريقة كانت المس من سلامة التراب التونسي، ثانيا: يربط مع أعوان دولة أجنبية اتصالات الغرض منها أو كانت نتيجتها الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية العسكرية أو من الناحية الديبلوماسية.

الفصل 68 من المجلة الجزائية يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام مرتكب المؤامرة الواقعة لارتكاب أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي المبيّنة بالفصول 63و64 و72 من هذه المجلة،ويكون العقاب بالسجن مدة عامين إذا لم تتبع المؤامرة بفعل تحضيري لتنفيذ الاعتداء.

الفصل 72 من نفس المجلة يعاقب بالإعدام مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي.

الإطار القانوني

تمنح مجلّة المرافعات والعقوبات العسكريّة لسنة 1957، كما تمّ تنقيحها بمرسومين مؤرّخين في 29 جويلية 2011، للمحاكم العسكريّة سلطة تتعدّى ما هو منصوص عليه في الدّستور الجديد (في فصله العاشر) حيث لم يحذف التّحوير الحاصل بمقتضى المرسوم عدد 69 لسنة 2011 المؤرّخ في 29 جويلية 2011 سلطة القضاء العسكري على المدنيّين وبشأن الجنح ذات الطّابع غير العسكري التي يقترفها العسكريّون، وبذلك يمكن رفع مخالفات الحقّ العام التي يقترفها مدنيّون أمام أنظار المحاكم العسكريّة عندما تكون الضحيّة من السّلك العسكري كما للمحاكم العسكريّة صلاحيّة النّظر في المخالفات المقترفة في حقّ الجيش.

كما يعاقب الفصل 91 من مجلّة المرافعات والعقوبات العسكريّة بالسّجن لمدّة تصل إلى ثلاث سنوات ” كلّ من تعمّد  … تحقير العلم أو تحقير الجيش والمس من كرامته أو سمعته أو معنوياته أو يقوم بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم أو انتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس كرامتهم”.

أما الفصل الخامس من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية فقد اقتضى” تختص المحاكم العسكرية في النظر في الجرائم المرتكبة في الثكنات والمؤسسات والأماكن التي يشتغل بها العسكريون والجرائم التي تُرتكب ضد مصالح الجيش مباشرة أو الإعتداء على أمن الدولة.

وفي تدوينة لأستاذ القانون الدستوري”سليم اللغماني” أناط أن الفصل 110 من الدستور التونسي الذي ينص على أنّ “تحدث أصناف المحاكم بقانون، ويمنع إحداث محاكم استثنائية، أو سن إجراءات استثنائية من شأنها المساس بمبادئ المحاكمة العادلة، المحاكم العسكرية محاكم متخصّصة في الجرائم العسكرية. ويضبط القانون اختصاصها وتركيبتها وتنظيمها والإجراء ات المتبعة أمامها والنظام الأساسي لقضاتها.”

وواصل أن الفصل 149 من الدستور في الباب العاشر الأحكام الانتقالية” تواصل المحكمة العسكريّة ممارسة الصّلاحيّات الموكولة لها بالقوانين السّارية المفعول إلى حين تنقيحها بما يتماشى مع أحكام الفصل 110.”

ويمكن طرح تساؤل في نفس السياق، على غرار النائب راشد الخياري، هل تحظر المادة 110 من الدستور في حد ذاتها على المحاكم العسكرية محاكمة المدنيين؟
يصرّح أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني أن كل ما في الأمر، سيعتمد على ما نص عليه القانون في القسم 110 ولم يتم إقراره بعد ،وهناك إمكانية تمريره في البرلمان.

كما تنص المادة 110 على أن للمحاكم العسكرية ولاية قضائية على الجرائم العسكريةغير أنها لا تحدد الجريمة العسكرية، والتي يمكن تعريفها بأربع طرق:

  1. هي جرائم عسكرية يرتكبها العسكريون (اختصاص شخصي فاعل) وفي هذه الحالة لا يحكم القضاء العسكري على المدنيين.
  2. جرائم عسكرية ضحاياها عسكريون (سلطة شخصية سلبية)، وفي هذه الحالة يمكنهم محاكمة المدنيين.
  3. جرائم عسكرية يكون مرتكبوها أو ضحاياها جنودًا ، ويمكنهم في هذه الحالة محاكمة المدنيين.
  4. هي جرائم عسكرية ذات طبيعة عسكرية، في هذه الحالة، سيكون من الضروري وضع قائمة مقيدة وواضحة ودقيقة (وفقًا لمبدأ مشروعية الجرائم) للجرائم العسكرية كما يمكن في هذه الحالة للمحاكم العسكرية محاكمة المدنيين.
    كما أشار أنه يجب الحرص على التمييز بين حقوق الإنسان (قيمة) وحقوق الإنسان (أيديولوجية).
    تحظر حقوق الإنسان أي محاكمة غير عادلة تجريها محكمة متحيزة ومن باب أولى من قبل محكمة استثنائية، فهي لا تحظر المحاكمات التي تجريها المحاكم المتخصصة التي تتوافق في تكوينها وتنظيمها وإجراءاتها وفي القانون الذي تطبقه على متطلبات المحاكمة العادلة.