تتواصل التجاذبات السياسية في ظل تدهور الوضع الصحي بسبب جائحة كورونا وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق إلى جانب استفحال ظاهرة البطالة وإفلاس الدولة وتدني التعليم وانسداد الآفاق على جميع المستويات، مما من شأنه أن يخلق ضغوطا نفسية لدى التونسيين ويضعهم في مواجهة مع شبح الاكتئاب.

هشاشة نفسية

من جانبه اعتبر أستاذ علم الاجتماع ووزير الثقافة الأسبق، مهدي مبروك، في تصريح لـ”JDD” أن الأوبئة وعدم الاستقرار السياسي وغيره من المشاكل التي تواجهها البلاد التونسية خلق هشاشة نفسية لدى بعض الأشخاص وساهم في ظهور سلوكيات وعادات غير سليمة واضطرابات نفسية لديهم على غرار الإكتئاب والقلق والانطواء والميل إلى العدوانية وعدم القدرة على التركيز وردود أفعال غير مناسبة لحجم المشكلة، وفق تعبيره.

كوفيد 19 

وأشار مهدي مبروك إلى أن سلب حرية التحرك في الزمان والمكان لدى المواطنين بسبب الجائحة العالمية كورونا خلق لديهم حالات توتر من شأنها أن تدفعهم في بعض الأحيان إلى الانتحار أو محاولات الانتحار، مشيرا إلى وجود عديد الدراسات العالمية التي تعمل على احتواء الأعراض النفسية التي تعقب الأوبئة حتى بعد اختفاءها.

وبين أستاذ علم الاجتماع وعضو اللجنة العلمية لكوفيد 19، أن أخبار الموت خلقت لدى التونسيين مناخا جنائزيا له انعكاسات نفسية خطيرة على غرار غياب دافعية الإقبال على الحياة والاحساس بالخوف من فقدان الأحبة، وفق تقديره.

القطع مع الواقع

وفي سياق متصل أكد “مبروك” أن التوترات السياسية دفعت الأفراد إلى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي وبناء عالم وهمي يقطع مع العالم الواقعي.

وبين أستاذ علم الاجتماع أن عدم الاستقرار السياسي خلق نوعا من النقمة لدى الأفراد على الطبقة السياسية وأفقدهم الثقة بهم مما من شأنه أن يرفع في وتيرة الاحتجاجات في البلاد، على حد قوله.

ارتفاع عدد المرضى النفسانيين

هذا وارتفع عدد المرضى نفسانيين في بلادنا ليبلغ عدد الذين استقبلهم مستشفى الأمراض النفسية ” الرازي” 8 آلاف مريض سنة 2018 و9 آلاف مريض سنة 2019، في وقت لا تتجاوز فيه طاقة الاستعاب 500 سرير دون اعتبار الأشخاص الموجودين في الشوارع في مختلف ولايات الجمهورية الذين يثيرون رعب المارة، وفق ما ذكرته جريدة الشروق.

من جانبه أشار الكاتب العام للفرع الجامعي للصحة بمنوبة، كمال بالرحال، إلى أن عدد الوافدين على مستشفى الرازي في سنوات ما قبل ثورة 2011، كان يتراوح بين 4 آلاف و5 آلاف مريض فقط. 

وحذر كمال بالرحال من ارتفاع عدد الأطفال المقيمين بالمستشفى المذكور خلال سنة 2019 إلى 1400 طفل بسبب الضغوط النفسية التي تعيشها الأسرة وانعكاساتها السلبية على الصحة النفسية للأبناء، وفق تعبيره.

الاكتئاب

هذا واحتلت تونس المرتبة الثانية إفريقيا من حيث عدد المصابين فیھا بالاكتئاب، إذ يعاني حوالي 518 ألف تونسي من الإضطرابات النفسية الناتجة عن الاكتئاب، وفق نتائج دراسة قام بها موقع ”بیزنیس إنسايدر”.

وحسب معطيات قدمتها الجمعية التونسية للأطباء النفسانيين يعد الاكتئاب في مقدمة الأمراض النفسية التي تصيب المواطنين التونسيين في السنوات القليلة الماضية وتعتبر المرأة الأكثر عرضة لهذا المرض النفسي.

وتؤكد الجمعية ارتفاع معدل استهلاك الأدوية المهدئة للأعصاب والمضادة للقلق بالتوازي مع تطور عدد التونسيين الذين يلجؤون إلى عيادات الأطباء النفسيين سواء في القطاع العام أو الخاص.