أثارت تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس الأحد 18 أفريل بمناسبة الاحتفال بالذكرى 65 لقوات الأمن الداخلي، عدّة ردود فعل بسبب قوله إن القانون المتعلق بالتعيين في الوظائف العليا للدولة الذي تم وضعه سنة 2015 غير دستوري وأنّه القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية، وهو ما اعتبره رئيس الحكومة هشام المشيشي “قراءة فردانية وشاذة للنص الدستوري”.

تصعيد

في هذا الإطار، قال المحلّل السياسي صلاح الدّين الجورشي لـ”JDD”، إنّ ماحصل في قصر قرطاج أمس يعتبر استمرارا للأزمة القائمة منذ أن تولّى قيس سعيد مسؤولياته في علاقة بتنازع الصلاحيات.
وأضاف أن ّما أقدم عليه خطوة جديدة في اتّجاه التصعيد أراد من خلالها الرئيس أن يؤكّد أنّه رئيس فعلي يتمتّع بصلاحيات رئيس في نظام رئاسي يتقيّد رئيس الحكومة بتعليماته مشيرا إلى أنّ هذا التصعيد ستكون له تداعياته إذ لم تعد المسألة تتعلق بخلاف حول التأويل فانتقل سعيّد إلى الشروع في التنفيذ وهو ما سترد عليه بقية الأطراف، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، حسب قوله.


وتابع الجورشي أنّ خطاب قيس سعيّد حمّال أوجه فأشار إلى مسألة الحصانة معتبرا أنه يواجه “لصوصا ومارقين عن القانون” وهو توجيه إنذار قوي للأطراف الذين يتمتعون بالحصانة والذين هم في ذهنيّة الرأي العام نواب يتهربون من تنفيذ القانون.

قراءة دستوريّة

من جانبه، أكّد أستاذ القانون الدستوري عبد الرزّاق المختار في تصريح لـ”JDD”، أنّ قراءة ما جاء على لسان رئيس الجمهورية يكون على مستويين أولا بنية التأويل أي مضمونه وثانيا الأسلوب.
وأوضح المختار أنّ سعيّد تحوّل من مُؤوّل للدستور إلى قاض دستوري، فمدار تأويل القانون 32 لسنة 2015 المتعّلق بالتعيين في الوظائف العليا للدّولة، هل يعيّن في الوظائف العسكرية والدبلوماسية والتي تتعلق بالأمن القومي؟.
وتابع أنّ سعيّد اعتبر هذا القانون غير دستوري وهو غير معني بتطبيقه وسيغلّب القراءة الدستورية وبالتالي أصبح يقوم مقام الجهات المخولة دستوريّا بالبتّ في دستورية القوانين وتجاوز مجرّد التأويل وهو ما يهّدد بكل خطوره مفهوم دولة القانون والمؤسسات، بعد أن بدأ يفرض قراءته بمقتضى الأمر الواقع ليمر إلى تفعيلها وإنفاذها، حسب تعبيره.


من ناحية المضمون، فسّر محّدثنا أنّ تأويل الرئيس لا يستقيم بناء على الفصول 17 و18 و19 من الدستور التي تعرّضت إلى القوات المسلحة العسكرية دون سواها كما أن التوزيع الدستوري للسلطات مكّن سعيد من التشاور مع رئيس الحكومة في تعيين وزيري الشؤون الخارجية والدفاع الوطني دون سواهما وبالتالي هناك تناسق بين نص الدستور والقانون 32 لسنة 2015 وإذا كان هناك خلل في الهندسة الدستورية فذلك لا يرتقي إلى القول بعدم دستوريته، حسب تأكيده.

أمّا الأخطر، وفق عبد الرزاق المختار، فهو السياق الذي وجّه فيه الرئيس خطابه الذي جاء تزامنا مع الاحتفال بعيد قوات الأمن الداخلي وهي هياكل ضامنة للجمهورية والمفترض ألّا تكون شاهدة على الخلافات السياسية.
وأضاف أنّ جرّ مؤسّسات الدولة إلى مربّع التجاذبات السياسية خطأ دستوري وسياسي قاتل مضيفا أنّ قيس سعيد يقوم بخروقات ممنهجة إمّا لفرض رؤيته أو لبلوغ الانسداد الدستوري وهو وضع لا يمكن فيه تحكيم الدستور.