تواجه بعض الدول على غرار تونس صعوبات تحد من عملية اقتراضها من الخارج وذلك بسبب سوء الحوكمة والتوقعات الضعيفة للنمو، يأتي ذلك في وقت ارتفع فيه حجم ديونها بشكل كبير في الفترة الأخيرة.

غياب الحريات الاقتصادية

من جانبه أكد الاستشاري في استراتيجية الاستثمار، صادق جبنون، في تصريح لـ”JDD”، أن غياب منوال تنموي ذو تنافسية عالية يقوم على التكنولوجيا  والصادرات ذات القيمة العالية والنجاعة الاقتصادية، هو ما يجعل نسبة النمو في تونس تكون دائما ضعيفة، موضحا أن الدولة لم تتجاوز 5 بالمئة في مجال القطاعات غير المنتجة مثل الفلاحة وخاصة صادرات النسيج.

وبين صادق جبنون أن مرد ذلك هو عدم ذهاب تونس إلى قانون يحمي الاستثمارات ذات القيمة المالية المضافة العالية إضافة إلى عدم تحرير الاقتصاد.

وأشار جبنون إلى أن البورصة التونسية بقيت محدودة للغاية لعدم وجود منوال يقوم على التكنولوجيا، مما نتج عنه عدم القدرة على الإنتاج، مؤكدا وجود مؤسسات تونسية لديها المقدرة على الإنتاج لكنها عاجزة عن القيام بذلك لغياب التمويلات والإمكانيات، في ظل غياب قانون محفز، على حد قوله.

مخاطر عدم الاقتراض 

وحذر ”الاستشاري في إستراتيجية الاستثمار ”من مخاطر عدم الاقتراض المتمثلة أساسا في الإفلاس المالي مثلما وقع في لبنان ودول أمريكا الجنوبية وغيرها من الدول إلى جانب عدم القدرة على سداد الديون الخارجية، مما يؤدي إلى مزيد تدهور الترقيم السيادي لتونس وإغلاق البنوك والحد من تداول السيولة مثل الذي وقع في الأزمة اليونانية، على حد قوله.

وأكد صادق جبنون وجود سوء حوكمة للمالية العمومية منذ 2011، موضحا أن الأولوية كانت تعطى لنفقات وزيادات الأجور على حساب نفقات الاستثمار وميزانيته التي تقلصت من 6 مليار دينار إلى حوالي 2.8 مليار دينار ،معتبرا أن هذه النسبة لا تفي بحاجيات دولة تمر بأزمة هيكلية مثل تونس، على حد قوله.

وبين جبنون أنه انطلاقا من عديد الاخلالات التي أشار إليها تقرير دائرة المحاسبات لا بد أن يكون الهدف من الاقتراض هو الاستثمار وليس الاستهلاك ، داعيا الحكومة، لمزيد ضبط المالية العمومية خاصة على صعيد وزارة المالية.

لا يمكن سد العجز دون اقتراض 

وقال صادق جبنون إنه لا يمكن سد العجز دون اقتراض خاصة بعد الجائحة العالمية كوفيد 19، موضحا أن كل دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والصين باتت تتوجه نحو الاقتراض على الصعيد العمومي.

وبين جبنون أن حاجيات تونس من الاقتراض قد تصل إلى حدود 23 مليون دينار من السوق الدولية، لسداد الديون القديمة ولبعض نفقات التصرف، مما يحتم عليها ضرورة ضمان قروض من الولايات المتحدة الأمريكية وصندوق النقد الدولي، على حد قوله.

إن ما تمر به تونس من أزمة اقتصادية خانقة يحتم عليها ضرورة الاقتراض من الخارج والبحث عن صيغ جديدة لإعادة الجدولة الضمنية لشركائها وذلك من أجل تفعيل محرك الاستثمار والاستهلاك خاصة في ظل تعطل الإنتاج في السنوات الأخيرة.