دعت منظمة الدّفاع عن المستهلك إلى مقاطعة بعض المنتوجات الغذائية التي ارتفعت أثمانها تزامنا مع اقتراب شهر رمضان، الذي يعتبر أكثر الأشهر استهلاكا لدى التونسيين.
لكن هل يتمتّع التونسيون بثقافة المقاطعة، وهل يستطيعون الوقوف في وجه المحتكرين؟

مجتمع استهلاكي

كشفت دراسة حول تغير الأنماط الاستهلاكية في تونس، والتي أعدّها المعهد الوطني للاستهلاك سنة 2014، أنّ 19.6 بالمائة من الأسر لجأت للقروض البنكية الاستهلاكية لتوفير حاجياتها الأساسية وحتى الكماليات، وذلك رغم تراجع مقدرتهم الشرائية، مما يجعل التجار يتجرؤون على الترفيع في أسعار المنتوجات.

وتبين الأرقام إتلاف 900 ألف خبزة يوميًا في المزابل مع معاناة 600 ألف تونسي من سوء التغذية، وتفيد أرقام وزارة التجارة أن التونسي يستهلك بين 30 و40 بالمائة فقط مما يقتنيه من منتوجات، وأظهرت المعطيات الأخيرة للمعهد التونسي للإحصاء أن المستوى الحالي لغلاء المعيشة في تونس يعد الأعلى منذ حوالي 30 سنة، مما يكشف النزعة الاستهلاكية التي تحول إليها المجتمع التونسي.


وصرّح الباحث في علم الاجتماع محمد الجويلي لـ”JDD”، أنّ تفسير هذه التحولات التي طرأت على المجتمع التونسي لا تنفصل عن سياقات العولمة والثقافة والسلوك السائد باعتبار أن المستهلك التونسي يتأثر بما يدور حوله في العالم من ممارسات وعادات وتقاليد إلى جانب تأثيرات الإشهار التي تدفعه لا إراديا إلى التهافت على شراء منتوجات وبضائع قد يكون في غنى عنها.

وتابع أنّ هذا السلوك الاستهلاكي يختلف من بيئة إلى أخرى باعتبار أن العائلات في الأوساط الحضرية تسعى لكي تكون متشابهة ومتطابقة لتثبيت انخراطها في مجتمع ما وحتى لا تكون “منبوذة” وبالتالي فإن نسبة مشترياتها تخضع للسائد والمنتشر.

خطوات محتشمة نحو المقاطعة


يقول رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك سليم سعد الله لـ”JDD”، إن ثقافة المقاطعة بدأت تترسخ تدريجيا خلال السنوات الأخيرة في تونس لكنها ما زالت بعيدة عن التعميم ومبتورة، حسب قوله.
وأوضح سعد الله أنّ بعض حملات المقاطعة التي دعت إليها المنظمة حصدت نجاحا هاما فيما فشلت أخرى في إقناع المستهلك التونسي، مشيرا إلى الدعوات التي لم تلقى النجاج المطلوب عادة ما تكون مرتبطة بالمناسبات الكبرى على غرار الأعياد الدينية وشهر رمضان.

وتابع أنّ أسعار عدة مواد تراجعت بسب المقاطعة على غرار معجون الطماطم الذي تضاعف سنة 2018 إلى جانب أسعار مادة “الزقوقو” مشيرا إلى أن هذه النجاحات يجب أن تكون محفزا للتونسيين على مواصلة هذا النهج للقطع مع الاحتكار والمضاربة والاستغلال الفاحش لبعض التجار.

ودعا إلى إدراج ثقافة الحماية الذاتية والمواطنة وحس الالتزام الطوعي بالمناهج التعليمية لتربية جيل جديد على ثقافة المقاطعة.