ارتفعت خدمة الدين الخارجي بنسبة 10 بالمائة إلى حدود يوم 10 أفريل 2021، لتصل إلى 1901 مليون دينار، وفق الإحصاءات الأخيرة التي نشرها البنك المركزي التونسي.

فهل سيساهم ارتفاع الدين الخارجي في عرقلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص الحصول على قرض جديد؟

شروط صعبة

اعتبر الاستشاري في إستراتيجية الاستثمار، محمد صادق جبنون، في تصريح لـ”JDD” أن ارتفاع مؤشر الدين الخارجي كان متوقعا نظرا لارتفاع العجر إلى أكثر من 10 بالمئة إلى جانب إمكانية تجاوز الدين في تونس نسبة 100 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع من شأنه أن يعرقل عملية السيطرة على وباء كورونا المستجد ومن المرجح أن تستمر هذه الأزمة إلى نهاية 2024، وفق قوله.

وعلى ضوء ذلك توقع ”صادق جبنون” أن تكون المفاوضات التي تستعد الدولة إلى الدخول فيها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، صعبة وغير مضمونة النتائج وذلك نظرا إلى أن الصندوق سيشترط هذه المرة على تونس إصلاحات حقيقية على غرار إعادة هيكلة القطاع العمومي بما في ذلك عمليات الخصخصة وإعادة هيكلة الدعم وفتح الاقتصاد التونسي للمنافسة والخروج من الاقتصاد الريعي في تونس، وفق تقديره.

وأشار محدثنا إلى أنه من الواضح أن تكون انتقادات شركاء تونس في الخارج وتصنيف تونس كاقتصاد غير حر، من أهم مواضيع النقاش في واشنطن نهاية هذا الشهر لتجد الحكومة نفسها مجبرة على الإجابة عن كل هذه الأسئلة أمام هيئة إدارة صندوق النقد الدولي، على حد قوله.

صناديق المضاربة

وبين الاستشاري في إستراتيجية الاستثمار أن الحصول على قروض جديدة هو رهين الحصول على اتفاق مع صندوق النقد الدولي نظرا إلى أن الترقيم السيادي لتونس B3 مع أفق سلبي ومرشح إلى النزول إلى المرحلة C ليكون حينها من المستحيل الاقتراض بأقل من 11 بالمئة وبالتالي فإن الحصول على اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعتبر في حد ذاته عقد تأمين من السوق الخاص من المقرضين.

وأفاد صادق جبنون أن ثلث حاجياتنا في تونس متأتّ من التداين الخارجي محذرا من إمكانية تخلص بعض المؤسسات التي أقرضت تونس من السندات السيادية إلى صناديق المضاربة والتي تكون المفاوضات معها صعبة جدا وذلك في حال وقع تقصير في سداد الدين ما يجعل تونس تعيش نفس السيناريو اللبناني، وفق قوله.

وأضاف جبنون أن الحصول على قروض يبقى كذلك رهين إقناع وكالة التصنيف التي تنتظر هذا الاتفاق والإصلاحات التي طلبتها مع توفير استقرار سياسي واضح يعيد الثقة إلى الجهة المقرضة، على حد قوله.

ارتفاع المديونية 

يأتي ذلك في وقت تواجه فيه البلاد التونسية فترة اقتصادية واجتماعية صعبة في ظل عجزها عن سداد ديونها السابقة وحاجتها إلى ديون جديدة لضمان سير دواليبها ومواصلة صرف الأجور، ما يفسر توجه الوضع المالي للدولة نحو الأسوء خاصة مع انتشار وباء كوفيد 19.

وارتفعت مديونية تونس إلى مستويات غير مسبوقة لتتجاوز 90 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي فيما يؤكد مختصون أن النسبة قد تفوق 100 بالمئة وهو ما يفسر أن الدولة باتت تستهلك ضعف ما تنتجه ما يجعلها في حاجة مستمرة إلى التداين الخارجي والداخلي حتى تتمكن من مجابهة نفقاتها، وفق ما ذكرته جريدة الشروق.

ومن جانبه كشف وزير الاقتصاد والمالية، علي الكعلي، أن تونس ستكون مطالبة خلال السنة الحالية بسداد ما لا يقل عن 15.6 مليار دينار أي ما يعادل 5.7 مليار دولار من القروض التي حلت آجالها وتوفير اعتمادات مالية لصرف الأجور وجرايات التقاعد ومستحقات الاستثمار والدعم.

الحاجة إلى التداين

وذكر الكعلي أن الحكومة كانت قد أعلنت في مشروع قانون مالية 2021، أنها ستتجه إلى اقتراض 18.5 مليار دينار لتتمكن من سداد أقساط ديونها الخارجية والداخلية التي بلغت حوالي 15 مليار دينار .

كما أن التعهدات المالية الإضافية التي أقرتها الحكومة وارتفاع سعر برميل النفط والتكلفة الاقتصادية والمالية التي فرضتها الجائحة، إضافة إلى أن معظم نفقات الدولة من خلاص الأجور وجرايات التقاعد باتت مستحيلة دون مزيد الاقتراض، تجعل من حجم العجز والحاجة إلى الاقتراض ترتفع إلى مبلغ يتجاوز 20 مليار دينار.

وهو ما يفسر أن تونس وصلت إلى مرحلة تجعلها غير قادرة اليوم على تحقيق بنود موازنتها وتوفير الاعتمادات المالية لنفقاتها دون الاقتراض وغير قادرة على خلاص ديونها الداخلية والخارجية في حال لم تتحصل على قروض مالية جديدة رغم صعوبة خروجها إلى السوق المالية في الوقت الحالي نتيجة تخفيض ترقيمها السيادي مما يجعل نسبة المخاطر مرتفعة، وفق عدد من الخبراء المختصين.