عاش مقرّ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس، بالعاصمة، خلال اليومين الماضيين، حالة احتقان وفوضى بعد تدخلّ الأمن لفض اعتصام الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي التي تطالب بحل الجمعية، متهمة إياها بتمويل الإرهاب ونشره.
في هذا التقرير سنحاول تفسير الجانب القانوني لما حدث خلال الساعات الماضية.

النيابة العمومية تفتح تحقيقا

أكّد الناطق الرّسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محسن الدّالي لـ”JDD”، اليوم الخميس 11 مارس 2021، أنّ النيابة العمومية فتحت تحقيقا، وأوكلت إلى فرقة أمنية بالبحث، بعد تقديم فرع المؤسسة في تونس شكاية ضد عبير موسي بتهمة اقتحام المقر.

وأوضح أنّ النيابة العمومية لا يمكن أن تتحرك من تلقاء نفسها في كل القضايا والأحداث دون إشعار أو شكاية من الطرف المتضرر، مضيفا أنّ فض الاعتصام بالقوة العامّة مساء أمس يدخل في نطاق العمل الأمني.

“جريمة تلبسيّة”

في هذا السياق، قال أستاذ القانون العام، شكري عزّوز لـ”JDD”، إنّ الاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين موجود في تونس طبقا لمقتضيات القانون ومصادق عليه من قبل السلطات التونسية منذ زمن حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.


وأضاف أنّ تونس ملزمة بالقانون أن تحمي مقر الجمعية وتتحمّل مسؤولية نشر وثائق خاصة بها على الملأ، مشيرا إلى أنّ دخول مقر دون إذن من أصحابه موجب للإيقاف دون القيام بإجراءات رفع الحصانة، لأنها جريمة تلبسيّة تتطلب الإيقاف الفوري للنواب ثم إعلام رئيس البرلمان، وفقا لما يقتضيه القانون.
وصرّح عزّوز أنّ الجمعية الأم تأسست في بريطانيا سنة 2004، وهي خاضعة للقانون البريطاني ومحمية بمقتضاه مشيرا إلى أنّ الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي محيي الدين القره داغي، أكد أنّه سيلجأ للقضاء البريطاني.
وشّدد على غياب القضاء في هذه الحادثة مشيرا إلى أن الإجراءات المعقّدة، والقوانين المتخلفة لا تمكّن أعوان الضابطة العدلية من القيام بدورهم، وفق تعبيره.

ليست عملية اقتحام

من جانبه، أكّد رئيس المرصد التونسي للدفاع عن الدولة المدنية منير الشرفي لـ”JDD”، أنّه لم يقع اقتحام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس باعتبار أن الحزب الدستوري الحر ينفذ اعتصاما أمامه منذ حوالي 3 أشهر.
وأضاف أنّ نائبتين دخلتا المقر بدعوة من موظفين بالجمعية الذي أكّدوا أنهم لا يخفون أي “جريمة”، لتتفطّن عبير موسي لعملية إتلاف وثائق قبل دخولها بوقت قصير بعد أن اشتمت رائحة أوراق محروقة، وفق تعبيره.


وصرّح الشّرفي أنّ حركة النهضة تدافع باستماتة عن هذه المؤسسّة لأنّها تمثّلها ولأنّ رئيسها راشد الغنوشي قيادي بالاتّحاد، فنزلت بثقلها ممثلة في أذرعها العنيفة لممارسة العنف اللفظي، الذي سرعان ما تحول إلى تعنيف مادي مشيرا إلى أنّ الدستوري الحر ينفذ اعتصاما منذ ما يزيد عن 100 يوم، دون حصول أي تجاوزات حيث كان الحضور الأمني رمزيّا، حسب تأكيده.

ويأتي هذا الخلاف بين الدستوري الحر من جهة والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمدافعين عنه من جهة أخرى، تزامنا مع أزمة اقتصادية وصحيّة خانقة لتُضاف إلى رصيد الأزمات السياسيّة والصراعات التي اعتبرها النائب منجي الرحوي “مفتعلة لصرف التونسيين عن المسائل الجوهريّة”.