أعلنت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، في بلاغ لها أمس الأربعاء 10 مارس 2021، على إثر اجتماع اللجنة الفنية المكلفة بضبط الأسعار لشهر مارس 2021، عن الترفيع في أسعار بعض المواد البترولية، تطبيقا لآلية التعديل الأتوماتيكي للأسعار، في محاولة لتقليص العجز في الميزانية.

ثاني تعديل في ظرف شهرين

ويعتبر هذا التعديل الثاني من نوعه في 2021، وهو ما يفسر بداية العمل على تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي المتعلقة أساسا بالحد من دعم الطاقة وتوجيه الدعم لمستحقيه والتخفيض في كتلة الأجور وإعطاء الأولوية للإنفاق على الصحة العمومية وإصلاح المؤسسات العامة.

وتأتي هذه الزيادة في ظل وضع اقتصادي واجتماعي هشّ وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين بالإضافة إلى الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد.

وتتراوح الزيادة في أسعار المحروقات، بين 30 و 40 مليما، وشملت كلا من البنزين الخالي من الرصاص، الغازوال العادي، الغازوال دون كبريت، علما وأن الزيادة السابقة التي وقع إقرارها في شهر فيفري المنقضي، شملت نفس قيمة الزيادات.

لكن الترفيع المتواصل في أسعار المحروقات التي تعتبر مادة حيوية، سيتسبب في استنزاف المقدرة الشرائية للمواطن التونسي، التي أصبحت هزيلة بدورها نظرا لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية.

ترضية لصندوق النقد الدولي

تأتي هذه الزيادات في أسعار المحروقات، في محاولة لكبح عجز ميزانية الدولة، التي قدرت سعر برميل البترول بـ 45 دولارا، فيما بلغت الأسعار العالمية الـ 65 دولارا، وهو ما أكده أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية والمختص في الشأن الاقتصادي، رضا الشكندالي، في تصريح لـ”JDD”، واعتبر المتحدث أن الزيادات المتتالية هي ترضية لصندوق النقد الدولي، الذي طرح نقطة إزالة الدعم كشرط أساسي للتفاوض مع تونس وتمكينها من القروض، تمهيدا لزيارة مرتقبة لوزير المالية علي الكعلي إلى واشنطن الشهر المقبل.

ووفق محدثنا، فإن الحكومة أرادت أن تظهر للصندوق، بأنها شرعت في تطبيق الإصلاحات التي حثها عليها، والتي من بينها الترفيع في أسعار المحروقات والاتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل، على الشروع في إصلاحات تستهدف 4 مؤسسات عمومية، من أجل الحصول على التمويلات التي تحتاجها تونس في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

تعميق أزمة التونسي

وحذر الشكندالي من تداعيات هذه الزيادات التي قال إنها ستكون كارثية، في ظل عدم وضوح الرؤية فيما يخص إجراء رفع الدعم الذي ستنتهجه الحكومة، بما في ذلك الارتفاع المشط في أسعار كافة المواد، على اعتبار أن المحروقات مادة أساسية وأولية تستعملها جميع القطاعات وكافة المؤسسات، وهو ما سيؤدي إلى اهتراء المقدرة الشرائية، التي تعاني أزمة منذ الثورة بالإضافة إلى تعميق الاحتقان الاجتماعي.

من جهته بين لطفي الرياحي رئيس منظمة إرشاد المستهلك، في تصريح لـ”JDD”، أن الدعم الموجه للمحروقات تقلص بشكل كبير منذ سنة 2018، حيث كان في حدود 2700 مليون دينار، ليصل خلال سنة 2021، إلى 400 مليون دينار، وهو ما ترتب عنه ارتفاع كبير في أسعار مختلف المواد الاستهلاكية خاصة وأن قطاع المحروقات يمثل عاملا أساسيا في مختلف المجالات ويؤثر بشكل مباشر على ارتفاع الأسعار.

وتوقع المتحدث أن يتواصل النسق التصاعدي في أسعار المواد الاستهلاكية، بنسبة تفوق الـ 30 بالمائة، وهو ما سيكون له تداعيات كارثية على القدرة الشرائية للمواطن التونسي.