تبدو الوسائل الرقمية المتاحة لمعالجة الصور مؤثرة على حقيقتها ومصداقيتها مما يجعل ممارسة التصوير الفوتوغرافي مهددة بالتزييف، يقول البروفيسور Tom Gunning في كتابه La retouche numérique à l’index “إنه لا توجد لعبة بلا مخاطر، في علاقة بالقيمة الاجتماعية للحقيقة المفترضة للتصوير وبما أن الإعجاب الذي تحصده الصورة المفبركة يكمن في جزئها الحقيقي فإنه من المحتمل، حتى على الصعيد الفني والشائع، أن يواصل التصوير الفوتوغرافي كلحظة التسجيل الفعلي للأشياء كما تبدو عليها”.
وبناء على ذلك هل يهتم الجميع بالدرجة ذاتها إن كانت الصور حقيقية أو مزيفة؟


رغم الكم الهائل من المقالات والتحقيقات والريبورتاجات التي سلطت الضوء على تأثيرات النصوص والصور المزيفة التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الانتخابات الأمريكية أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يواصل الجمهور منح ثقته بطريقة متزايدة للإنترنت على حساب الميديا التقليدية.
فوفقا لإحصاء قامت به شركة الاتصال Edelman ونشرت نتائجه في دافوس موفى جانفي، فإنّ 43 بالمائة من المستجوبين أكدوا أنهم يثقون في الإعلام مقابل 51 بالمائة قبل سنة.
ويثق الجمهور بشكل متزايد في أصدقائه وعلاقاته عبر شبكات الواب التي يعتبرها مزودا للحقيقة على حساب وسائل الإعلام التقليدية.
بدأت مؤخرا ظاهرة جديدة في البروز حيث لم تعد الصور تُصنع ليراها الناس بل يتم توجيهها إلى آلات، يقول الفنان Trevor Paglen إنّ “الأغلبية الساحقة من الصور ابتُركت بواسطة آلات لفائدة آلات أخرى”.
وفي مجال الصناعة تُمكّن أنظمة التصوير من الفرز التلقائي للمنتوجات كما أن مراكز التسوق تستغل برامج الخوارزميات algorithmes لتتبع حركات الحرفاء وتحليل سلوكهم بطريقة آلية وإعداد التقارير.
كما أنّ مستخدمي موقعي فيسبوك وأمازون لا يشاهدون الصور المنشورة أكثر من غيرهم فهناك DeepFace و DeepMask و SharpMask ، وهي أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحديد الأشخاص والأماكن والأشياء والاستخدامات.
في الواقع فإنه من خلال الدأب على إنكار الواقع والوقائع عن اقتناع سينتهي الأمر بزرع الشك في أذهان الجميع حتى من هم أكثر إطلاعا وموضوعية فـ”ما بعد الحقيقة” هو أنّ الأحداث التي تُروى وطريقة سردها لها قيمة أهم من الوقائع.