مع كل تحرّك احتجاجي ينادي بمطالب اجتماعية حقيقية، تطفو على السطح أعمال النهب والسرقة والتخريب، وهو ما شهدناه خلال ثورة 14 جانفي 2011 ليتكرر هذا التصرف مؤخرا خلال التحركات الليلية التي خاضها عدد من الشبان مطالبة بالتشغيل والتنمية تزامنا مع ذكرى مرور 10 سنوات على الثورة، مما جعل مفهوم الاحتجاج مرتبطا بشكل وثيق بالسرقة واللصوصيّة، فهل يمكن اعتبار المحتجّ لصّا؟ وهل يمكن أن يكون اللصّ ثائرا على المنظومة؟

وشهدت تونس مؤخرا تحركات احتجاجية في بعض المناطق من الجمهورية، رفضا للتهميش والفقر ومطالبة بمحاسبة السياسيين الفاسدين وإسقاط النظام، وتزامن ذلك مع أعمال نهب وسرقة استهدفت عددا من الأملاك الخاصة والعامة، ثم سرعان ما تحوّلت إلى صدامات عنيفة بين المحتجين وأعوان الأمن الذين استعملوا الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، مما أسفر عن جملة من الإيقافات في صفوف شبان تتراوح أعمارهم بين 15 و 25 عاما، أغلبهم تلاميذ وهو ما أشعل فتيل احتجاجات أخرى منادية بإطلاق سراح المحتجين وتنديدا بـ”دولة البوليس”.

تحويل وجهة الاحتجاجات

وعادة يكون الاحتجاج منظما وقائما من أجل مطالب شرعية، لكن هناك أطرافا تستغل هذه التحركات السلمية، من أجل تحويل الوجهة الحقيقية للاحتجاج، عبر إثارة البلبلة وتشويه الاحتجاجات وتخويف المجتمع لتعم الفوضى وتتحول إلى صدامات بين الأمن والمجتمع وهو ما سيخلق أزمة حقيقية تتجاوز العنف لتزيح مبدأ الشرعية عن الاحتجاج، وهو ما أكدته المختصة في علم الاجتماع لطيفة فاجوري في تصريح لـ”JDD”.

وبينت محدثتنا أن الاحتجاجات والمسيرات هي فرص يستغلها اللصوص وذوو السوابق العدلية في السرقة والنهب وبث الفوضى من أجل تحقيق مكاسب والإفلات من العقاب، وعادة يتم توظيف هؤلاء الأشخاص لأغراض أخرى من أجل تشويه المسيرات السلمية وتحويل وجهة الاحتجاجات عن المطالب الشرعية التي قامت من أجلها.

الثائر لا يمكن أن يكون لصا

وأضافت المتحدثة أن اللصّ لا يمكن أن يكون ثائرا على المنظومة، لأن استغلال الفرص من أجل تحقيق الكسب الذاتي أو لتشويه الاحتجاجات الشرعية عن قصد أو عن غير قصد، لا يمكن أن يكون ثورة، مشيرة إلى أن الشخص لا يمكن أن يكون ثائرا ولصّا في آن واحد.

وعادة ما يتم التبرير للأشخاص الذين يستغلون التحركات الاجتماعية ويعمدون إلى السطو على الأملاك الخاصة والعامة، بدعوى أنهم يقومون بهذه الأفعال بسبب الفقر والخصاصة، لكن ذلك لا يستقيم وفق المختصة في علم الاجتماع التي دعت إلى ضرورة الفصل بين الثائرين من أجل مطالب اجتماعية واللصوص الذين يستغلون الفرص لتحقيق المكاسب من أجل الإفلات من العقوبة.