تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن، وتوفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية..وفق ما ينصّ عليه الدستور في فصله الـ38.

جاءت جائحة كورونا لتكشف مدى ضعف المنظومة الصحية التونسية التي اظهرت عجزا في أحيانا كثيرة على التكفل بمصابي كوفيد خاصة من احتاجوا منهم التنفس الاصطناعي، رغم تأكيد مسؤولي الدولة في مختلف المواعيد على قدرة تونس على مجابهة الكوفيد.

فما هي الوضعية الحقيقة لجاهزية منظومتنا الصحية بلغة الأرقام؟

بيانات معهد الاحصاء تكشف الحقيقة 

وفق بيانات إحصائية للمعهد الوطني للإحصاء في آخر تحيين له سنة 2019 فقد تطور عدد الأسرة بالمستشفيات العمومية من 15.574 سريرا سنة 1994 الى 21356 سرير سنة 2018 على أن يكون قد بلغ عدد الأسرة في 2019 عدد 21457..أرقام تؤدي الى معدل  1.8 سرير لكل 1000 ساكن.

من جهة ثانية ارتفع عدد مراكز الصحة الأساسية المستغلة من 1730 مركزا سنة 1994 إلى 2150 مركزا سنة 2018 موزعة على 203 دائرة صحية و 264 معتمدية على أن يرتفع عددها إلى 2196 سنة 2019،فيما تبلغ عدد المصحات الخاصة 109 مصحّة بها 7602 سرير.

في ذات السياق لم تشهد البلاد خلال العقد المنصرم سوى إنشاء ثلاث مستشفيات عموميّة ليصبح العدد الإجماليّ 14 مستشفى لما يزيد عن 11 مليونا ونصف مليون ساكن، في حين لم تشهد المعاهد والمراكز الصحيّة المختصّة البالغ عددها 21 منشأة، أيّ تطوّر منذ سنة 2008.

 أمّا المستشفيات الجهويّة والمحليّة، فقد انخفضت أعدادها تباعا من 33 إلى 32 بين سنتي 2008 و2016، ومن 109 إلى 108 مستشفى محليّا خلال نفس الفترة.

 في ذات السياق ارتفع عدد السكّان لكلّ طبيب خلال ثلاث سنوات فقط، من 772 سنة 2013 إلى 808 ساكن لكلّ طبيب سنة 2016، وارتفاع الضغط على المرافق الصحيّة العموميّة بمعدّل 6 أطباء لكل 10 آلاف ساكن.

المجتمع المدني على الخط

سعيا منه للمساهمة في دفع الدولة زمن ورثتها الحكومة لمزيد الاعتناء بالقطاع الصحي وجه ائتلاف المجتمع المدني للدفاع عن المرفق العمومي للصحة والذي يضم 41 منظمة وجمعية أبرزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و في 20 أكتوبر 2020 للسلط العمومية حول الوضع الصحي بالبلاد 

وركزت الرسالة على 4 نقاط أساسية وهي :

أولا ضعف الميزانية المخصصة لوزارة الصحة التي لم تمثل إلا 5,54٪ من مجمل ميزانية الدولة سنة 2020 (حسب تحيين قانون المالية التعديلي )

ثانيا ضعف الميزانيات المخصصة للأدوية خاصة في الخط الأول وللبرامج الوقائية وللصيانة والتجهيزات بما فيها أسرّة الإنعاش ووسائل النقل الصحي.

ثالثا عدم خلاص مستحقات المستشفيات الجهوية والجامعية والصيدلية المركزية لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض والتي بلغت حوالي ألف مليون دينار سنة 2020.

رابعا ضعف الموارد المخصصة لحساب دعم الصحة العمومية والتي حددت بـ 45 مليون دينار في ميزانية سنة 2021 رغم القرار الحكومي بأن تبلغ قيمتها 100 مليون دينار منذ 2019 وفق ما نص عليه مجلس الوزراء المنعقد في 28 مارس من نفس السنة، علما وأن التقديرات تشير إلى أن تحقيق الهدف الذي أحدث من أجله يتطلب ما لا يقل عن 400 مليون دينار.

ميزانية وزارة الصحة لسنة 2021..الكتلة الأبرز للأجور 

تبلغ ميزانية وزارة الصحة لسنة 2021 قرابة 2885 مليون دينار أي بزيادة 13.4 % مقارنة بالسنة الحالية لتبلغ الميزانية المرصودة للقطاع الصحي حوالي 5.5 % من مجموع ميزانية الدولة للسنة المقبلة، وستُوجّه نسبة كبيرة من الزيادة المسجلة في ميزانية وزارة الصحة للسنة المقبلة لنفقات التأجير التي ستبلغ حوالي 78.7 % من جملة الـ2885 مليون دينار المخصصة للوزارة بعد تعاقدها مع 300 طبيب و 811 اطارا شبه طبي و264 من العملة بعد انتشار فيروس كوفيد 19 في البلاد.

فيما تم تحديد الاعتمادات المالية المرصودة في مشروع ميزانية وزارة الصحة لسنة 2021 الموجهة للاستثمار بحوالي 415 مليون دينار، في حين أن وزارة الصحة حدّدت حاجيّاتها المالية للاستثمار خلال السنة المقبلة بحوالي 690 مليون دينار مما جعل فوزي مهدي يطلب من وزارة المالية رصد اعتمادات اضافية بـ 286 مليون دينار لسد الفرق بين حاجيات الوزارة والاعتمادات التي رصدتها وزارة المالية للاستثمار في القطاع الصحي، وفق ما أكده فوزي مهدي خلال مناقشة ميزانية وزارته في لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية.

بنية تحتية صحية أقل ما يقال عنها أنها أضعف من مواجهة جائحة بقوة وبطش كورونا تسعى حكومة المشيشي إلى تحسينها عبر رصد حوالي 80 بالمائة من ميزانيتها للتأجير في مسعى الى توفير أقصى ما يمكن من الكفاءات الطبية لمجابهة خطر عجز المنظومة الصحية أو سقوطها في محاربة الكوفيد.