تم إعلام النيابة العمومية مساء اليوم الأحد 20 ديسمير 2020، بالعثور على مواطن مذبوح داخل المنطقة العسكرية المغلقة بدوار السلاطنية في عمق جبل السلوم من جهة معتمدية حاسي الفريد من ولاية القصرين.

ورجحت مصادر أمنية مطلعة الصبغة الإرهابية للحادثة نظرا لتمركز كتيبة أجناد الخلافة الإرهابية الموالية لتنظيم داعش الإرهابي على السلسة الجبلية الممتدة من جبل السلوم إلى جبال مغيلة.

إستمرار ذبح الرعاة من طرف المجموعات الإرهابية

إنطلقت المجموعات الإرهابية في إستهداف الرعاة على أطراف المرتفعات الغربية وذبحهم والتنكيل بجثثهم بسبب تعاونهم مع الوحدات العسكرية والأمنية وفق مزاعمهم وقد إستأثرت كتيبة أجناد الخلافة الإرهابية الموالية لتنظيم داعش الإرهابي بنصيب الأسد من هذه العمليات لتنطلق  مباشرة بعد الإعلان عن نفسها وتواجدها بجبال مغيلة والسلوم بذبح الراعي مبروك السلطاني بعد إعتراضه في جبل مغيلة يوم 14 نوفمبر 2015، ثم قامت كتيبة عقبة بن نافع الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي الإرهابي بذبح الراعي سامي العياري في جبال ورغة بالكاف .

كما عثرت الوحدات العسكرية  يوم 03 جوان 2017 على جثة خليفة السلطاني في جبل مغيلة أثناء عملية تمشيط تمت  إثر الإعلان عن تعرضه للاختطاف على يد كتيبة أجناد الخلافة الإرهابية بعد سنة ونصف من ذبح شقيقه مبروك السلطاني بنفس الطريقة.

هذا وتوفي الراعي لمجد القريري يوم 25 جوان 2018، في منطقة بوحية المتاخمة لجبل الشعانبي في ولاية القصرين وذلك غداة تعرضه للتعذيب من جانب مجموعة إرهابية راقبت تحركاته واختطفته، قبل أن تذيقه أصنافا من الضرب والتنكيل وتقطع جزء من أنفه ثم تطلق سراحه. غير أن الإسعافات الطبية التي قدمت له لم تحل دون وفاته.

في ظل غياب الدولة: رعاة واقفون على تخوم الفقر والإرهاب

 الرعاة هم السور الأول لتونس على تخوم الإرهاب، فقد أثبتت المواجهات اختلاطا واضحا لدماء الضحايا المدنيين من الرعاة ودماء العسكريين في الجبال، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول وظيفة الرعي في تونس ومناطق تركزها، وكيف أثبتت الأحداث استقالة الدولة من حماية مواطنيها في المناطق الوعرة، خاصة وأن بعض الرعاة كانوا في خط المواجهة المباشرة مع الإرهاب وقدموا الكثير لتونس.

وتع مهنة الرعي السبيل الوحيد تقريبا لسكان الجبال الوعرة للعيش، خاصة في الحدود التونسية الجزائرية، سواء في الكاف (جبال ورغة، حمام، ملاك) أو القصرين (سمامة، السلوم، الشعانبي) أو قرب سيدي بوزيد (جبل المغيلة)، لكن يتكفل الرعاة أيضا بمهمة تأمين بعض المجالات الريفية التي يعيشون فيها من خلال الانخراط في مقاومة الإرهاب، وذلك عبر المساهمة مع الجيش والأمن في استطلاع الأماكن التي يمكن أن يمر منها الإرهابيون أو يتدربون أو يتحصنون خلف تلالها وأحراشها. هذه الوظيفة التي تكون في بعض الأحيان بطلب من الجيش والأمن تحولت شيئا فشيئا إلى إشكال لما لها من خطورة على حياة هؤلاء المدنيين.

عيد للرعاة في جبل سمامة

عيد الرعاة هو مهرجان ثقافي سنوي فريد من نوعه ينظمه المركز الثقافي الجبلي بقرية الوساعية المتاخمة لجبل سمامة التابعة لمدينة سبيطلة منذ سنة 2012، ويهدف المهرجان الذي بادر إلى تنظيمه المركز الثقافي الجبلي بالمنطقة، إلى إيجاد تقاليد سياحية بديلة في المناطق الريفية الواقعة عند سفوح الجبال بهذا الجزء من تونس المعروف بعراقته حيث كان في الماضي مهدا للحضارة الرومانية. كما يعتبر المهرجان أول تظاهرة من نوعها في العالم العربي تحتفي برعاة تونس وتصالح بينهم وبين الموروث الثقافي والحضاري.

ونتيجة إتساع مجال الأعمال الإرهابية إلى جبل سمامة ومناطق أخرى، تحول هذا الأخير إلى منطقة عسكرية لمكافة الإرهاب، مما عزز دور المهرجان والدور الأساسي للرعاة في إعمار هذه الجبال الشاسعة وحمايتها من الإرهابيين