يعاني ما يقرب من بليون شخص في جميع أنحاء العالم من شكل من أشكال الاضطرابات العقلية. وكل 40 ثانية يموت شخص ما بسبب الانتحار، وفق منظمة الصحة العالميّة التي تحيي سنويا يوم 10 أكتوبر اليوم العالمي للصحة النفسية.
تونس ليست بمنأى عن هذا الانفجار في أعداد المضطربين خاصة بسبب مخلّفات جائحة كورونا.
مواجهة الاضطراب في صمت
وكشفت تقارير رسمية للجمعية التونسية للأطباء النفسانيين ومستشفى الرازي عن أرقام مقلقة بشأن الانتشار الملموس لمختلف أنواع الأمراض النفسية بين التونسيين وفي مقدمتها الاكتئاب وأخطرها الفصام.
وأفاد الأخصائي في الأمراض النفسية أنور جراية خلال مؤتمر توعوي أن حوالي 60 ألف تونسي مصابون بداء الفصام أو ما يعرف بالانفصام في الشخصية وذلك وفق إحصائيات تقديرية.
وفي هذا السياق، أفاد الأخصائي النفسي وحيد قوبعة، في تصريح لـ”JDD Tunisie”، اليوم السّبت 9 أكتوبر 2021، أنّه رغم ملاحظة ارتفاع غير مسبوق في عدد التونسيين الذين يعانون أمراضا نفسية وعقلية ورغم ارتفاع عدد المودعين بمستشفى الأمراض العقلية بمنوبة، إلّا أنّ الواقع أسوء بكثير.
وأضاف أنّ شريحة واسعة من التونسيين ترفض عيادة النفساني رغم شعورها الملح بالقلق وبالحاجة إلى المساعدة وذلك لعدة اعتبارات اجتماعية من بينها رفض فكرة العلاج النفسي الذي مازال يعتبر إلى حدّ ما من التابوهات بسبب نظرة المجتمع للمصابين بأمراض نفسية.
وأشار إلى وجود جزء عنصر مادّي يدفع بجزء هام من التونسيين إلى الإحجام عن زيارة الأخصائي النفسي إذ يعتبرون أنّ كلفة العيادة مرتفعة في حين أنّ الحاجة ليست ملحة على غرار الأمراض العضويّة.
وأكّد أنّ الظروف العامة بالبلاد، الاقتصادية والاجتماعية والصحية، تسببت في انفجار بركان الاكتئاب وظهور عدة أمراض كالفصام والاضطراب ثنائي القطب.
كورونا.. تعمّق الأزمة
من جهة أخرى، يقول الدكتور قوبعة، إنّ عديد الدراسات العلمية أثبتت أنّ الأزمة الصحية التي دفعت بالسلطات إلى فرض قيود وإجراءات على المواطنين أدّت بشكل لافت إلى ارتفاع عدد حالات المصابين باضطرابات صحيّة.
وأضاف أنّ هذه الآثار قد تتعاظم بمرور الوقت بسبب عدم الوعي بخطورة الأعراض الأولية وضرورة عيادة مختص والحديث إليه مشيرا إلى أنّ عديد الدول تفطنت إلى ذلك وقامت بإجراءات لدفع مواطنيها في اتّجاه العلاج أو التنفيس عن أنفسهم تجنبا للوقوع في الأزمات النفسية.
وقال إنّ تونس خصصت جزءًا من إدارة الأزمة الصحية للجانب النفسي بتعيين أخصائي ضمن اللجنة العلمية لمجابهة كورونا لكن لم يُلاحظ أنها قامت بأي أدوار في هذا الاتجاه.