تشهد المصحات الخاصة إقبالا مرتفعا في ظل تردي الخدمات الصحية بالمستشفيات العمومية والنقص الذي تسببه على مستوى أطباء الأختصاص و التجهيزات الطبية وذلك ما يجبر بعض المواطنين على الاستناد إلى المصحات الخاصة إلا أن بعضها يشهد العديد من التجاوزات وفق تقرير محكمة المحاسبات عدد 32، و المنظمة التونسية للإرشاد المستهلك .

تطبيق مبدأ هامش الربح قبل صحة المريض

أكد لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية للإرشاد المستلهلك لــ ”JDD Tunisie ” اليوم الإربعاء 29 سبتمبر 2021 أن المصحات الخاصة تقوم باستغلال للمواطن التونسي و تتلاعب بحياته. وذلك لتطبيقها مبدأ هامش الربح قبل صحة المريض، وفق قوله.
وأضاف الرياحي أن المواطن فور دخوله يتم طلب صك بنكي ليتمكن من العلاج والذي يعتبر غير قانوني، مشيرا إلى أن المصحات الخاصة لا تقدم وصفات طبية علمية بل وصفات طبية تجارية و هو ما تعتبره المنظمة توجيها للمستهلك نحو منتوج معين دون غيره. بالإضافة إلى غياب الشفافية في المعاملات عبر استغلال المصحات لهامش ربح مشط عبر ما وصفه ”بفندقة” أسعار الخدمات، مطالبا بفتح تحقيق ومحاسبة المصحات طبقا لما جاء في تقرير محكمة المحاسبات عدد 32 الذي أقر أنه لم تتولّ مصالح وزارة التجارة برمجة مهمات رقابة دورية على المصحات الخاصة خلال الفترة 2015-فيفري2020 للتثبت من شفافية ونزاهة المعاملات ومراقبة أسعار الخدمات الصحية والفوترة المعتمدة من قبلها. واقتصر دورها على معالجة العرائض والشكايات الواردة على مصالح الأبحاث الاقتصادية.

غياب مراقبة الدولة للمصحات ساهم في تجاوزات بالجملة

وفق التقرير الصادر عن محكمة المحاسبات شهد هذا القطاع تجاوزات على مستوى الرقابة على عديد المستويات أهمها التجهيزات الطبية الثقيلة والتجهيزات المشعة حيث اتضح عدم استقرار مقاييس ضبط الحاجيات من التجهيزات الثقيلة لفائدة القطاع الخاص فضلا  عن إصدار قرار وزير الصحة في سنة 2016  المتعلق بضبط مقاييس ومعايير التجهيزات الثقيلة  ودون عرضه على الاستشارة الوجوبية للمجلس الوطني للتجهيزات الطبية والتقنية، مما ساهم في ارتفاع نسق إسناد تراخيص استغلال التجهيزات الثقيلة حيث بلغ عدد التراخيص المسندة منذ إصدار القرار  المذكور 47 جهازا.

وهذا ما ساهم في إجبار المواطن على التوجه إلى المصحات الخاصة لافتقار المستشفيات العمومية أو تسجيلها لنقص في هذه التجهيزات الطبية التي تعمل حسب التقرير المشار إليه دون الحصول على التراخيص القانونية النهائية حيث تم تسجيل استغلال  عدد من المصحات الخاصة لتجهيزات ثقيلة دون حصولها على التراخيص النهائية وإنجازها لـ6.212 فحصا بقيمة جملية بلغت 5,322 م.د ،وكذلك مواصلة استغلال تجهيزات من قبل 24 مصحة بعد انقضاء صلوحية التراخيص وقد بلغ عدد الفحوصات المنجزة 6.475 فحصا كما تم إسناد التراخيص النهائية دون احترام الشروط المستوجبة و إسناد تراخيص على سبيل التسوية أو بصفة استثنائية من قبل وزير الصحة لفائدة بعض المصحات.

ووفق ذات التقرير غابت الرقابة على حفظ الصحّة ومقاومة التعفنات الاستشفائية والرقابة على المستلزمات الطبية و الرقابة على نقل ومعالجة النفايات التي تصف محكمة المحاسبات البعض منها كنفايات خطرة.

و بلغت  نسب  عدم المطابقة العامّة حول التصرف في نفايات الأنشطة الصحية 43% بالنسبة إلى المصحّات  و50 %بالنسبة  إلى مراكز تصفية الدم. وبقيت رقابة الوزارة على المصحات ومراكز تصفية الدم محدودة حيث لم تتولّ بعض الإدارات الجهوية للصحة إجراء أي مهام رقابة أو متابعة  للمصحات الراجعة لها بالنظر. وفق ذات التقرير  .

و تبين غياب استراتيجية واضحة وإطار تشريعي خاص ينظم خدمات تعقيم المستلزمات الطبية، وعدم مواكبة كراس الشروط للمعايير والمقاييس المتعلقة بالتعقيم في مختلف مراحله. ولم تتولّ 80% من المصحات الخاصة  إحداث وتأهيل وحدات للتعقيم المركزي إلى غاية أفريل 2020 بالرغم من انقضاء الآجال المحدّدة لإعادة تنظيم خدمات التعقيم دون أن تتولى الوزارة اتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية خاصة أمام تعدد  الإخلالات فيما يخص طرق ومراحل التعقيم بالمصحات التي  لم تعتمد منظومة التعقيم المركزي، وفق نص تقرير محكمة المحاسبات.

تجاوزات يعتبر البعض منها خطيرا على حياة المواطن التونسي يستوجب تدخلا جديا و عاجلا من الأطراف المتدخلة في مراقبة هذا القطاع على أمل تحسن خدماته و خدمات المستشفيات العمومية حتى يتسنّى للمواطن التمتع بحقه في الصحة.