بعد مرور شهر ونصف منذ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية التي غيرت المشهد السياسي في البلاد، لا تزال خارطة الطريق السياسية غير واضحة في ظل غياب برنامج واضح المعالم يكشف عن موعد تعيين حكومة جديدة ومصير عودة السلطة التشريعية إلى الحكم.
نذكر أن رئيس الدولة تولى هو بنفسه السلطة التنفيذية ليلة 25 جويلية 2021، إلى حين تعيينه لرئيس الحكومة، وهو ما دفع عدة جهات داخلية وخارجية إلى التحذير من تفرد سعيد بالحكم.
دعوات لوضع برنامج عمل
في هذا السياق طالب أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ رئيس الدولة ” بتقديم برنامج عمله للفترة القادمة خلال هذا الأسبوع حتى نطمئن على مصير البلاد والعباد ولا يكون أي كان عرضة للظلم”، معتبرا أن ”تونس لم تشهد انقلابا وإنما حالة استثنائية أو “حالة طوارئ”، وفق نص تدوينته.
واعتبر أمين محفوظ أن التخلص مما وصفه بالفساد الديمقراطي (2011-2021) لا يكون إلا في إطار دولة القانون.
من جهته طالب اتحاد الشغل بالإسراع في تشكيل الحكومة والنظر في الملفات الحارقة على غرار البطالة والتعليم والصحة والوضع الاجتماعي والاقتصادي للشعب التونسي بعيدا عن الركوب على الأحداث، موضحا أنه يوجد عدة ملفات متراكمة واتفاقيات متوقفة.
نشير إلى أن 21 منظمة حقوقية طالبت في 28 أوت 2021، قيس سعيد بتحديد مدة “التدابير الاستثنائية”، وتنظيم حوار وطني حول سبل تحقيق الإصلاح السياسي التي تحتاجه البلاد.
وقالت الجمعيات والمنظمات إنها تطالب سعيد بـ”تحديد مدة التدابير الاستثنائية”، التي أعلن عنها في 25 جويليو 2021، قبل أن يمددها في 23 أوت إلى “حين إشعار أخر”.
وتمثلت تلك التدابير الاستثنائية في تجميد عمل مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي على أن يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية، إلى حين تعيين حكومة جديدة.
نشير إلى أن قيس سعيد لم يتوجه بخطاب مباشر إلى الشعب يفسر فيه أسباب تمديد هذه الإجراءات أو متى تنهتهي أجالها، ليقتصر على تبليغ رسائله عبر الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية في موقع فايسبوك، وذلك خلال لقاءاته واجتماعته.
سعيد يدافع عن الإجراءات الاستثنائية
في أكثر من مناسبة دافع رئيس الدولة عن التدابير الاستثنائية، مرجحا أنها “تهدف لحماية الدولة من العبث وهي تندرج في إطار احترام الدستور”.
وشدد سعيد خلال لقائه وفدا من الكونغرس الأميركي يوم الأحد 4 سبتمبر 2021، على أن التدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها تندرج في إطار الاحترام التام للدستور، وذلك بخلاف ما يُروّج له من إدعاءات مغلوطة وافتراءات كاذبة، مشدّدا على أنها تعكس إرادة شعبية واسعة وتهدف إلى حماية الدولة التونسية من كلّ محاولات العبث بها.
وفي وقت سابق اعتبر رئيس الدولة أن تونس تمر بجائحة سياسية، مشيرا إلى أن “الظروف الخاصة قد نتجاوزها في أقرب الآجال ولكن هناك قضايا لابد من حلّها من المصادر التي أدت إلى ظهورها”.
بين دعوات الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية إلى المرور إلى المرحلة القادمة لـ”ما بعد 25 جويلية”، يتواصل الفراغ السياسي في ظل غياب خارطة طريق واضحة.