بعد تفعيل الفصل 80 من الدستور، من قبل رئيس الجمهوريّة مساء 25 جويلية 2021، وضعت السلطة التنفيذية عددا من كبار المسؤولين من بينهم أعضاء حكومة سابقون وقضاة ونواب تحت الإقامة الجبرية استنادا إلى الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بحالة الطوارئ.
ماهو فحوى الأمر المذكور؟ ومتى يتم تفعيله؟

حالة طوارئ

ينص الأمر المتعلق بحالة الطوارئ في فصله الخامس على أنّه “يمكن لوزير الداخلية أن يضع تحت الإقامة الجبرية في منطقة ترابية أو ببلدة معينة أي شخص يقيم بإحدى المناطق المعنية بفرض حالة الطوارئ، يُعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العامين ويتعين على السلط الإدارية اتخاذ كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم”.

هذا الأمر الذي أصدره الرئيس الرّاحل الحبيب بورقيبة في حينه تم اعتماده لأول مرة خلال ما اصطلح على تسميته بالخميس الأسود في 26 جانفي 1978 إثر الإضراب العام للاتحاد العام التونسي للشغل وحصول مواجهات دامية بين المواطنين والشغيلة وقوات الأمن والجيش سقط خلالها عشرات الضحايا.

نفس الأمر تم تفعيله إثر ذلك في عدة مناسبات من بينها ماي 2017 عندما أعلن رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد “الحرب على الفساد” التي تقرّر خلالها وضع عدد من رجال الأعمال قيد الإقامة الجبرية قبل إحالتهم على القضاء.
وهذا النص “المثير للجدل” ما زال ساري المفعول منذ إعلانه في 24 نوفمبر 2015، من طرف الرئيس الباجي قائد السبسي إثر العملية الإرهابية التي استهدفت حافلة للأمن الرئاسي بشارع محمد الخامس والتي استشهد خلالها 12 عنصرا، ومنذ ذلك الحين تم التمديد فيه باستمرار وكان آخرها يوم 22 جويلية الماضي بستة أشهر كاملة، من طرف رئيس الجمهورية قيس سيعد، بضعة أيام قبل إعلانه تفعيل الفصل الثمانين من الدستور.

“كمن يمسك بجمرة؟”

في هذا الإطار، صرّح المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريّات، مروان جدّة لـ”JDD Tunisie”، إنّ مئات التونسيين خضعوا للإقامة الجبرية في فترات مختلفة بين 2015 و2021، بشبهات تتعلّق خاصة بالإرهاب ومكافحة الفساد.

اجتماع 25 جويلية 2021


ويضيف جدّة، إنّه وفقا للمعايير الدولية، فإنّ الإقامة الجبرية أحد أشكال الاعتقال وتستلزم ضمانات معينة لاعتبارها قانونية، حتى أثناء حالة الطوارئ، في حين استمرت السلطات التونسية منذ 2015 إلى غاية اليوم في فرض قرارات الإقامة الجبرية دون تحديد فترتها ودون أن تقدّم نسخة كتابية من هذه القرارات، وتجعله قابلا للاستئناف والمراجعة القضائية الفعالة.

كما تعارض منظمات تونسية ودولية، من بينها منظمة العفو الدولية، استمرار حالة الطوارئ، إلى جانب رئيس الجمهورية قيس سعيد ذاته، الذي اعتبر في وقت سابق أنّ قانون الطوارئ غير دستوري، وقال لدى توقيعه تمديداً سابقاً إنّه كان مجبراً على إعلان تمديد حالة الطوارئ “كمن يمسك بجمرة”.

محاولات التنقيح تبوء بالفشل

في 30 نوفمبر 2018، أودعت رئاسة الجمهوريّة مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ مع طلب استعجال النظر فيه لتعويض الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، وذلك احتراماً لمقتضيات الفصل 65 من الدستور الذي ينصّ على ضرورة تنظيم المسائل التي تمسّ الحقوق والحريات بمقتضى قوانين أساسية.

في المقابل، لايزال مشروع القانون مودعا في رفوف مكتب البرلمان المغلق دون الحسم فيه طيلة سنوات خاصة بعدما اعتبرت منظمات حقوقيّة أنه يتضمن العديد من الإجراءات الإداريّة الصارمة التي تؤدي إلى تقييد حقوق وحريات الأفراد، داعية إلى تشريكها في مناقشة مشروع القانون وإدخال التعديلات عليه.