يواصل المغرب والجزائر صراعهما بشأن أصل موسيقى الراي التي تعرف شهرة عالمية من أجل تسجيل هذا النوع الموسيقي كتراث عالمي لا مادي في اليونسكو، فهل أنّ الراي جزائري أم جزائري مغربي؟
بعد الجدل الّذي أثاره تسجيل أكلة الكسكسي في التراث العالمي اللامادي لليونيسكو، اتّحدت تونس والجزائر والمغرب وقدّموا ملفّا مشتركا إلى المنظّمة الأممية، باعتباره أكلة تختصّ بها دول شمال إفريقيا.
تتنافس الجزائر والمغرب اليوم على أصل موسيقى الراي، النوع الموسيقي الّذي انطلق في سهول غرب الجزائر وشرق المغرب.
وجدة أم وهران؟
علينا أن نرى كيف تدافع السلطات الجزائرية، التي فرضت رقابة طويلة على موسيقى الراي، هذا النوع الموسيقي الذي وصل إلى ذروته العالمية فقط بعد انتشاره في فرنسا.
ينبغي الاستماع إلى وزيرة الثقافة الرسمية للجزائر الجديدة التي أعربت عن عزمها تقديم ملف لليونسكو لتصنيف “الراي، الأغنية الشعبية الجزائرية” تراثا عالميّا لا ماديّا، وعلى المرء أن يتخيّل الردّ المغربي، عندما تكون مؤسّسة الأمم المتحدة برئاسة الفرنسية المغربية أودري أزولاي.
يحاول المغرب دائما التّذكير بأنّ غالبية المؤلّفين الكبار لأغاني الرّاي هم مغاربة، كذلك من خلال منظمي مهرجان الراي الدولي لوجدة ، وهي مدينة مغربية على الحدود الجزائرية، فالجميع هناك يطالب بـ “أغنية مغربية شعبية” مصنفة ضمن مواقع التراث العالمي.
لم تستجب الرباط رسميًا للطلبات التي عبر عنها مهرجان وجدة ، لكن الصحافة المغربية القريبة من القصر لا تتوقف أبدًا عن التّذكير بأن النوع الموسيقي هو “مغربي”، قائلين إنّ “هذا النّوع الموسيقي التقليدي كان موجودًا في المغرب ، وبالتحديد في شرق البلاد، حتى من قبل إنشاء الجزائر من قبل المستعمر الفرنسي “، وفق بعض المواقع والصّحف التي تهاجم الجزائر دائما.
تراث مشترك وحدود مغلقة
من جهتها ، دعت صحيفة الوطن الجزائرية الموسيقي المخضرم والمختصّ في الراي والعازف مسعود بلّامو لإبداء رأيه، حيث قال إنّ “الذاكرة المشتركة على جانبي الحدود تنص على أنّ لكل بلد تقليد الأغنية الشعبية، فعلى جانبنا من الحدود ، في وهران، لدينا موسيقى الراي ومن جهة المغرب فهناك “العيطة” وتعتبر المرحومة الحاجة الحمداوية رائدتها”.
ويقول بلّامو “يعترف البعض أنّ موسيقى الرّاي أصلها جزائري، ولكنّها تبقى دائما أداة لتقريب بين الشّعوب ويجب إيجاد حلّ وسط”.
هذا الحال لا ينطبق على الصحفي الذي أجرى المقابلة مع مسعود بلّامو وهو مؤلف افتتاحية نشرت بجريدة الوطن في عددها الصّادر بتاريخ 11 أفريل 2021، حيث كتب: “يعلن رئيس الجمعية المنظمة لمهرجان الرّاي بوجدة أنه قدم طلبًا إلى اليونسكو تسجيل الراي كأغنية مغربية شعبية. كيف يمكن لجمعية أن تشرع في عملية تقع ضمن صلاحيات الدول الأعضاء في اليونسكو وحدها؟ كيف سمح “المخزن” بمثل هذا العمل غير الودي تجاه الجزائر ؟ عليكم أن تكونوا ساذجين لتؤمنوا بصدق هذه المسرحية ، خاصة أنها تتماشى مع المرسوم الملكي الصادر في 20 أوت 2013 بمنح الجنسية المغربية للشّاب خالد.
حرب مستعرة
حرب الراي بين المغرب والجزائر مستعرة، أتمنى ألا تحصد ضحايا! ملك الراي الشاب خالد، جزائري متزوج من مغربيّة ويقيم في المغرب، يحاول جاهدًا عدم المشاركة في الجدل المستمر بين البلدين فهو يعلم أن كل ما يقوله سيلومه البعض أو الآخر، فإلى متى سوف يستمر هذا النّزاع؟
الجالية المغاربيّة في فرنسا مدعوّة أيضا لاختيار معسكرها.. “كيف تميز مطرب من جنوب بلجيكا عن مغني من شمال فرنسا”؟، السّؤال الّذي تهرّب منه الناقد الموسيقي المغربي نظيم عابدي على موقع فرانس 24.
عندما غنت الشابة فضيلة “البيرة عربية والويسكي قاوري” في الثمانينيات، كان الأمر مضحكًا وممتعًا، أمّا اليوم ، مسألة تسجيل الراي بالتّراث اللّامادي لليونيسكو تشهد صراعا يبدو أنه لن ينتهي أبدًا، فالأمر لم يعد ممتعا ولا مضحكا، لا للبلدين ولا لموسيقى الراي.
**موند أفريك