تقدّمت تونس بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء 6 جويلية، يطالب أديس أبابا بالتوقف عن ملء خزان سدّ النّهضة ويدعو مصر وإثيوبيا والسودان إلى استئناف المفاوضات بوساطة من رئيس الاتحاد الإفريقي والأمين العام للأمم المتحدة، للتوصل إلى نص اتفاقية ملزمة لملء السدّ وإدارته في غضون ستة أشهر.


ووفقا لمشروع القرار فإن هذه الاتفاقية الملزمة يجب أن تضمن قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهرمائية من سد النهضة وفي الوقت نفسه تحول دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لمصر والسودان.

جذور الأزمة

قال الباحث السياسي والصّحفي الليبي إدريس حميد في تصريح لـ JDD Tunisie إنّ إثيوبيا أبلغت مصر والسودان ببدء الملء الثاني لسدّ النّهضة بعد جولات ولقاءات على مدى سنوات لم تثمر عن شيء وانتهت دائما في طريق مسدود.

وأضاف “في سنة 2001، أعلنت إثيوبيا اعتزامها تنفيذ جملة من المشاريع على أنهارها الدّولية ومن بينها سدّ النّهضة الّذي انطلق بناؤه في الثّاني من أفريل سنة 2011 على النيل الأزرق في حدودها مع السّودان بسعة حوالي 74 مليار متر مكعّب والغرض الأساسي منه توليد الكهرباء وبيعها للدّول المجاورة وكذلك تنفيذ مشاريع زراعية تساهم في التّنمية الاقتصادية مع توفير فرص عمل جديدة إضافة إلى توفير الغذاء باعتبار أنّ إثيوبيا عانت سنوات طويلة من المجاعات في الوقت الّذي تخشى فيه مصر والسّودان أن يؤثر هذا المشروع على حصتها من مياه النيل البالغة 55 مليار متر مكعب وقد تشهد هذه المناطق جفافا”.

وتابع “مصر تؤكّد دائما أنّ لديها حقوقا تاريخية بموجب اتفاقيتين وقعتا عام 1929 و1995 والتي قالت إثيوبيا إنّهما مجحفتين في حقها باعتبار أنّ 80 بالمائة من مياه النّيل تنبع من أراضيها”.

رفض كلّ المبادرات

أفاد إدريس حميد بأنّ أزمة سد النهضة هي من أبرز الأزمات بشأن تقاسم الموارد المائيّة في العالم، فماراطون المفاوضات متواصل منذ أكثر من 10 سنوات ولم تتوصّل هذه الدّول إلى حلّ يرضي جميع الأطراف، بعد رفض إثيوبيا جميع المبادرات المصرية والسّودانية المتعلقة بتشكيل لجنة رباعية للمفاوضات وكذلك رفضت كل الوساطات الإفريقية لإتمام المفاوضات ساعية في الآن ذاته إلى إتمام عمليّات الملء.

وأشار حميد إلى أنّ السودان الذي يبلغ حصته 18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، يرى أنّ السدّ سيكون له عواقب وخيمة حيث يهدّد المناطق المحيطة بالغرق أو الجفاف في ظلّ عدم وجود اتّفاق متساو بين الدّول الثّلاثة.

في 15 جوان 2021، عُقد اجتماع تشاوري في العاصمة القطرية الدّوحة لمناقشة أزمة سدّ النّهضة وخرج بموقف عربي موحّد يدعم مصر والسودان ويدعو إلى ضرورة توقيع اتفاق يضمن حقوق الدّول الثلاث رفضته إثيوبيا ورأت أنّ فيه تحيّز للدّولتين العربيتين.

مواقف دولية متشابهة

أكّد حميد أنّ الاتحاد الإفريقي حاول بدوره إيجاد حلّ للأزمة إلا أنّ وساطته وجدت صدّا بسبب تعنّت إثيوبيا ومضيّها في اتّخاذ إجراءات أحادية الجانب مشيرا إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية قالت إن ملء السدّ سيزيد من التوتّر وحثّت جميع الأطراف على التوقف عن التحرّكات أحاديّة الجانب.

وأفاد بأن روسيا الاتحادية طلبت استمرار المفاوضات من أجل الخروج بحلّ يراعي مصالح جميع الأطراف وهو موقف أيّده الاتّحاد الأوروبي كما أنّ مصر دعت الصّين التي تربطها علاقات وطيدة ومصالح عديدة بإثيوبيا إلى التدخّل من أجل إثنائها على المضيّ في عملية ملء السدّ والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وتابع “مجلس الأمن الدّولي سوف يعقد الخميس القادم جلسة لمناقسة أزمة سدّ النّهضة في وقت ترفض فيه إثيوبيا إحالة الملفّ على أنظار المجلس الأممي وتتمسّك بوساطة الاتّحاد الإفريقي”.

مماطلة إثيوبيّة

استخلص محدّثنا أنّه من خلال رفضها لجميع المبادرات، “نفهم أنّ إثيوبيا تماطل وتحاول المراوغة في ما يتعلّق بموضوع السدّ ومن خلال حصتها من مياه النّيل، كما أنّها انطلقت في عملية الملء الأولى وستنطلق في الثانية قريبا”.

وأضاف أنّ إثيوبيا تعتمد أسلوب المفاوضات لإطالة أمد مناوراتها، فمصر تهدّد بأنها لن تسكت على التحركات الإثيوبية بينما يرى السودان أنّ جارته الجنوبية الشرقيّة تهدّد مصالحه”.