كشفت وزارة العدل في تقرير أنّ المحاكم الابتدائية بكافة جهات الجمهورية نظرت في أكثر من 81 ألف قضية طلاق خلال الفترة المتراوحة بين 2014 و2019.


أغلب القضايا التي وردت على المحاكم هي قضايا “طلاق إنشاء” بحوالي 40 ألف قضيّة، كما تشير الأرقام إلى أنّ الزوج أكثر طلبا للطلاق بأكثر من 48 ألف قضيّة.


كما تفيد أرقام وزارة العدل بأن عدد قضايا الطلاق يرتفع سنة بعد أخرى حيث ارتفعت بـحوالي 2324 قضية بين سنتي 2015 و2019.

الطّلاق الصّامت

قال الأستاذ في علم الاجتماع سامي نصر في تصريح لموقع JDD Tunisie إنّ ظاهرة الطلاق في تونس لم تعد في حاجة إلى الأرقام لتبريرها، فمجرّد معاينة بسيطة داخل العائلة أو المحيط يمكننا من ملاحظة أن الظاهرة في مرحلة تفاقم وبلغت منعرجا يمكن وصفه بالخطير.

وأضاف أنّه يمكن تلخيص الأسباب الرّئيسية في تغافلنا عن نوع من الطّلاق مسكوت عنه وهو ما يعرف بـ “الطّلاق الصّامت” باعتبار أنّ الطّلاق الفعلي هو آخر خطوة من انفصال الزّوجين.

وأشار إلى أنّ عددا كبيرا من المطلّقين كانوا يعيشون فترة انفصال تحت سقف واحد حيث يغيب التواصل والحوار والودّ الّذي تستوجبه الحياة الزّوجيّة الطبيعية مضيفا أنّ هذا السبب قد يستمرّ فترة طويلة خوفا من نظرة الآخرين وإيهام المجتمع بأن الزوجين يعيشان حياة سعيدة ويعيشان من أجل تربية الأبناء.

ظاهرة خطيرة

أفاد سامي نصر بأنّ ظاهرة الطّلاق الصّامت أخطر من الطلاق الفعلي فهي قد تؤدّي إلى كافة الظواهر الاجتماعية المرفوضة مثل الخيانة الزّوجيّة وتعدّد العلاقات وإهمال الأطفال وغيرها…

غياب التّواصل داخل الأسرة أدّى إلى تفشّي ظاهرة الطّلاق الصّامت، خاصّة وأنّ عشرات المشاكل الزّوجية كان يمكن حلّها فقط بحوار بسيط، وهذه المشاكل تتراكم شيئا فشيئا إلى أن تاتي “القطرة التي تفيض الكأس”.

وأوضح أن أهم أسباب الطلاق الصامت انعدام الاحترام والمسؤولية والمشاركة الثنائية، وغياب الحب بانعدام الرحمة والقسوة وجفاء المشاعر، مستنكرا اقتصار مفهوم المسؤولية عند البعض على الإنفاق فحسب، رغم أنها تشمل فتح جسور الحوار والحب والتواصل مع الزوجة.

وأشار سامي نصر إلى أنّ المثل الشعبي القائل “اللي تحبّو عدّيلو” ساهم في تفاقم ظاهرة الطّلاق ودمّرت أسرا كثيرة، ظاهريا يتجاوز الطرف أخطاء الطرف الآخر لكن في الحقيقة فإنّه يختزن كل هذه الأخطاء داخليّا، فالإشكال الحقيقي ليس في القطرة التي أفاضت الكأس وإنّما في مراحل امتلائه.

تفاعل الصّور

يقول علم اجتماع الصّورة إنّ البشر لا يتفاعلون مع بعضهم البعض، فالتفاعل يكون بين الصّور بمعنى أنّ الشخص يتعامل مع الآخرين وفق الصورة الّتي يحملها عنهم.

كلّ شخص لديه 3 صور على الأقلّ وهي الصّورة الّتي يريد الظّهور عليها ويتقاسمها مع مجتمعه والصّورة التي يريد إخفاءها وأيضا الصّورة الحقيقيّة التّي تظهر في مناسبات معيّنة كالغضب الشّديد أو الحزن أو الفرح، مثال على ذلك أن كثيرا من الأزواج يتفاجؤون بتصرفات غريبة أو عادات جديدة لأزواجهم لم يكتشفوها خلال فترة الخطوبة.

الثّورة بريئة

أفاد سامي نصر بأنّ كافّة الظّواهر السلبية المرتبطة بالطلاق موجودة قبل 2011 وهي غير مرتبطة بفترة ما بعد الثّورة، حيث كانت تونس تنافس مصر دائما على المرتبة الأولى عربيّا وإفريقيّا في نسب الطّلاق.

وأضاف أنّ ربط الظواهر بفترة ما بعد 2011 هي مغالطة يتوخّاها البعض لإدانة ما شهدته البلاد خلال تلك السّنة، لكن هذا لا يمنع أنّ الظّروف التي تعيشها تونس آخر 10 سنوات من شأنها أن تفاقم الأزمة أكثر.