أصبحت الأدوات الاصطناعية قادرة أكثر فأكثر على القيام بأغلب المهام البشرية في عصرنا الحالي، ويضم ذلك المجال الطبي وقيادة المركبات وكتابة أنواع محددة من التقارير الإخبارية وغيرها من المهام.
ماهي الأدوار التي يمكن أن يلعبها الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي؟ و هل من الممكن أن تستحوذ الروبوتات على مهنة الصحفي؟
شهد مجال الصحافة والإعلام في العالم عديد التغييرات على مستوى طريقة العمل القديمة والبسيطة من خلال الاعتماد على الروبوت في كتابة المقالات وتقديم نشرات الأخبار، وصولا إلى التحليل والتعليق، وذلك لما يوفره الذكاء الاصطناعي من أدوات لمساعدة الصحفيين في تطوير مجال عملهم.
ماهو الذكاء الاصطناعي؟
يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI) إلى الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استنادا إلى المعلومات التي تجمعها ويتجلى الذكاء الاصطناعي في عدد من الأشكال، كما أنه يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة.
كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعتي “أوكسفورد” البريطانية و”ييل “الأمريكية أن هناك احتمالا بنسبة 50% بأن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في جميع المجالات في غضون 45 عاما، كما من المتوقع أن يكون قادرا على تولي كافة الوظائف البشرية في غضون 120 عاما.
الذكاء الاصطناعي بديل للصحافة
في مجال الصحافة نجد أن الذكاء الاصطناعي يساعد على توسيع التغطية، بشكل أسرع وأحيانا أكثر دقة وحرفية، فقد تمكنت وكالة أسوشيتيد برس” من زيادة تغطية التقارير الفصلية لأرباح الشركات إلى 4400 قصة بعد ما كانت 300 فقط، أي بزيادة بلغت 15 مرة وتستعين “واشنطن بوست” بروبوت مراسل يدعى “هليوغراف بوت”، تمكن من إنتاج أكثر من 800 تقرير صحفي حول الألعاب الأولمبية الصيفية وانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وقد فازت الصحيفة بجائزة التميز في استخدام الروبوتات سنة 2018.
كما كشفت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، في عام 2018، عن أول مذيع ذكاء اصطناعي في العالم استخدم في تقديم نشرات الأخبار.
إذ اعتمدت الوكالة على الذكاء الاصطناعي “AI” في تطوير مهارات الروبوت وتصرفاته استنادا على حركات وأسلوب وكلام المذيعين الحقيقيين، حتى إنها اهتمت بالتفاصيل الصغيرة من حركة اليد وتعبيرات الوجه.
إلى جانب هذه المهام الصحفية نذكر أيضا قدرة الذكاء الاصطناعي على اقتراح وإنشاء القصص الصحفية، فنجد صحيفة “ذا جارديان” نشر مقالات كتبها “ريبورتر ميت”، وهو روبوت يعمل على تحويل البيانات إلى تقارير نصية جاهزة للنشر، وقد بدأت شركات مثل “فوربس” باستعمال نظام يساعد في اقتراح مواضيع ومقالات وصور للكتاب، ويدعى هذا النظام “بيرتي”.
بالتوازي مع سرعة تداول الأخبار وكثافتها في وسائل الإعلام، تنتشر المعلومات المضللة مثل فيروس يفتك بالحقيقة، يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات لمساعدة الصحفيين على تحديد الأخبار الزائفة، مثل تطبيق “سمارت نيوز” الذي يقارن الأخبار بنمط الأخبار الوهمية، وفي حال وجود تطابق يحدد البر بأنه زائف.
هل من الممكن أن تستحوذ الروبوتات على مهنة الصحفي؟
مع التطور التكنولوجي وعصر السرعة الذي نشهده الآن، يمكن للصحفي أن يستغل إيجابيات الذكاء الاصطناعي في عمله ويعمل على تطوير الآليات والتقنيات الصحفية القديمة لتتماشى مع متطلبات السوق الجديدة.
بالرغم من هذه المنافع لا يمكن تعويض العقل البشري الذي يتميز بقدرة في تحليل وشرح المعلومة وتبسيطها لتكون مفهومة لدى الجمهور المتلقي، لأن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى القدرة على شرح معلوماته مثل “لماذا كتب ذلك؟” أو “كيف وصل إلى نتيجة محددة”.
إضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى أخلاقيات العمل الصحفي، والتي تعتبر من أهم ركائز المهنة، فالمدير السابق لصحيفة “ذا جارديان أستراليا” اقترح إضافة بند جديد إلى أخلاقيات الصحافة، لأن برامج الذكاء الاصطناعي لا تجمع المعلومات بأسلوب أخلاقي، وقد تؤدي إلى خلاصات خاطئة.
لكن هل يمكننا اليوم الحديث جديا عن تهديد الذكاء الاصطناعي للعمل الصحفي، خاصة في دول عربية وإفريقية لا يزال مؤشر حرية الصحافة فيها يحتل المراتب الأخيرة، ولا يزال الصحفي لا يتمتع بحقوقه كاملة على غرار اعتماد وسائل الإعلام العربية على أساليب عمل تقليدية وقديمة.