أكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسوسة 1 جابر غنيمي اليوم الاثنين 21 جوان 2021، أن امرأة أصيلة منطقة زاوية سوسة تقدمت بشكاية مفادها تعرض ابنها البالغ من العمر 3 سنوات للتحرش من قبل زوجها، وأضاف غنيمي أن النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بالأب من أجل تهمة الاعتداء الجنسي مؤكدا أنه تم فتح تحقيق في الموضوع للوقوف على ملابسات الحادثة

كما احتفظ يوم أمس 20 جوان 2021 مركز الحرس الوطني بوشتاتة باجة بنفر أصيل قاطن بنفس الجهة ومباشرة قضية عدلية في شأنه موضوعها الاعتداء بفعل الفاحشة على شقيقته أثناء تواجدها بشاطئ الزوارع نفزة .

ماهو زنا المحارم؟

هي قضايا تعرّي واقعًا تصرّ عديد العائلات التونسية على كتمه في الصدور وحبسه بين الجدران، فتتجرّع ضحاياه مرارة الصمت ويصبح الجناة فيه وحوشًا آدميّة مجرّدة من الإنسانيّة كيف لا وقد اختلطت بالدماء والأنساب فتحوّل الأب مانح الأمان لناهش لجسد ابنته، وأصبح الأخ مصدر الحنان مستبيحًا لعرض أخته.

ويعني زنا المحارم أو “سفاح القربى” العلاقة الجنسية التي تربط شخصين بينهما علاقة قرابة دموية تحرّم الزواج وبالخصوص علاقة القرابة من الدرجة الأولى (أب، أم، أخ، أخت، عم، عمة، خال، خالة، جد، جدة، زوج أم، زوجة أب).


وتكون هذه العلاقة الجنسية إما برضا الطرفين أو عن طريق الإجبار بواسطة القوة أو بالترهيب وهو يعرف باسم “اغتصاب ذوي القربى”.
ويعدّ عمومًا شكلًا من أشكال الاعتداء الجنسي الذي يقضي بدفع طفل أو مراهق أو راشد على القيام بنشاط جنسي مع أشخاص تربطه بهم صلة قرابة، أي من العائلة المباشرة أو الممتدة، في معاشرة غير قانونية ومحرّمة اجتماعيًا وخلقيًا.

هل التغافل عن زنا المحارم يزيد في استشرائه؟

في ما تعلق، بنسب ضحايا زنا المحارم، فإن القانون التونسي يجرم القضايا المتعلقة بالتحرش والاغتصاب وغيرها، إلا أن البعض يرى أنه ما زال يعاني نقصا في هذا المجال، حيث أن القانون التونسي جرم «الاغتصاب والمفاحشة والتجاهر بما ينافي الحياء واللواط والمساحقة والفرار بقاصرة والمواقعة برضا الفتاة التى لم تبلغ سن الرشد، فضلا عن الزنا والخناء والزواج على خلاف الصيغ القانونية».

وفي نفس السياق، أفاد الباحث في علم الاجتماع علي الهمامي لـ”jdd tunisie” أنّ ظاهرة “زنا المحارم” مستفحلة في تونس منذ سنوات عديدة ولكنها من الظواهر المسكوت عنها، وأشار أنه حسب بعض الدراسات، تحتل قفصة المرتبة الأولى من حيث عدد قضايا من هذا النوع تليها سيدي بوزيد ثم القيروان مؤكّدا أنها ليست مرتبطة بجهة معيّنة أو بطبقة اجتماعيّة محدّدة أو بجنس خاص إذ يتعرض الذكور أيضًا لمثل هذا النوع من الاعتداءات والانتهاكات الجنسية من طرف أقاربهم.

وأضاف الهمامي، أنّه على قدر التغافل عن الظاهرة على قدر استفحالها وانتشارها داخل المجتمع، مؤكّدا على ضرورة تدخّل الجمعيات الحقوقية في مثل هذه الحوادث لتوعية الفتيات وخاصّة في الأرياف، وداعية كي تكون التنشئة الاجتماعية للطفل أكثر انفتاحا خاصّة في المواضيع التي تهمّ حرمة أجسادهم.

سلوك شاذ ينتشر في المجتمع

يؤكّد الباحث في علم الاجتماع علي الهمامي لـ” jdd tunisie ” أنّ زنا المحارم هو فعل محرم ومسكوت عنه، وهو من الظواهر الشائكة التي يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي ما يؤدي إلى صعوبة في فهمه وتفسير أسبابه على حدّ قوله.


وأفاد أنّه بالاطلاع على المجلة الجزائية في باب الجرائم الجنسية، لا يوجد فصل أو فقرة تخص زنا المحارم على وجه الخصوص بل تتعلق مجموعة فصول من الفصل 226 إلى 240 من المجلة المذكورة بالاغتصاب، والزنا، والتحرّش الجنسي ومجموعة من الجرائم الجنسية الأخرى.

ورغم أن العلاقات الجنسية بين المحارم مرفوضة دينيًا في مختلف الديانات السماوية، ومرفوضة إنسانيا إلاّ أنها منتشرة وغير معلنة. فكيف يمكن أن نفهم سلوك أب يستمتع بممارسة الجنس مع ابنته؟ وكيف يستطيع جماعها؟ ألا تمثل عاطفته الأبوية أو علاقته الدموية حاجزًا يمنعه من فعلته؟ كيف يمكنه لمس جسد طفولي خُلق من نسله ولم تكتمل بنيته الجسدية بعد؟”، هكذا تساءلت الغريبي التي نوّهت، في هذا الجانب، أنّه لا يمكن لأي باحث تقديم إجابات واضحة ودقيقة وعلمية في غياب دراسات نوعية تشتغل حول عينة ممثلة من الذين مارسوا “زنا المحارم” وذلك لفهم دوافعهم وتمثلاتهم.

سفاح القربى.. تداعيات جسيمة

عن تداعيات مثل هذه الممارسات على نفسيّة الضحايا، اعتبرت الباحثة سوسن الغريبي أنّ “زنا المحارم” هو “نوع من الانحراف الاجتماعي السلوكي وهو إرهاب وعدائية نحو فئة اجتماعية هشة”. وتقول إنه بعد تعرّض الطفلة للاغتصاب من قبل والدها أو أحد محارمها تتحطم نظرتها الإيجابية عن نفسها، وتتحولّ من طفلة متوازنة إلى طفلة منهارة نفسيًا تعاني في صمت قاتل.
وتفسّر محدّثتنا قائلة:”هذه الظاهرة هي ظاهرة متوحّشة قاتلة تحمل بين ثناياها الكثير من المعاناة، والصراع النفسي إذ يعيش الضحايا حالة من التمزق بين القبول والرفض، وبين الحب والكره، وبين الاستسلام والمقاومة، فمن اعتدى عليها جنسيًا يكون فردًا من العائلة ربما الأب الذي من المفترض هو مصدر الحب والأمان. ولذلك يكون الألم مزدوجا، ألم جسدي ونفسي جراء التعرض لاعتداء جنسي وألم نفسي عاطفي جراء اهتزاز أو كسر للصورة النمطية للأب وصورته الاعتبارية والرمزية في مخيال الطفل”.

و في هذا المجال، يقول المختصون في علم النفس والجنس، إن الأضرار المنجرّة عن زنا المحارم تختلف باختلاف الأعمار وبحسب العلاقة بالجاني، وأيضا السن، فآثار زنا المحارم الذي يكون طرفاه الأب والابنة تتعدى الآثار المترتبة عنه من شعور بالوحدة والإحساس بالذنب والعار والحزن والضياع إلى قابلية المرض وخصوصا القلق الجنسي.

كما يؤدي زنا المحارم غالبا إلى نتائج مدمرة للشخص والمجتمع على حد سواء…ويعزى زنا المحارم حسب دراسات نفسية إلى غياب الأنا الأعلى.