بالتزامن مع موجة غير مسبوقة من فيروس كورونا تعيش على وقعها تونس منذ أسابيع، يواصل جزء من التونسيين حياتهم بصفة عادية دون ارتداء الكمامات، يحضرون الحفلات الخاصة والأعراس واحتفالات الانتصارات الرياضية. فما الذي يفسّر هذا “التسيّب” بعد حجر صحي أول ناجح في مارس 2020 خاصّة وأن التذمرات من تدهور الخدمات الصحية متواصل على مواقع التواصل الإجتماعي؟
“التطبيع مع الوباء”
يقول الأستاذ في علم النفس نعمان بوشريكة لـ”JDD Tunisie”، إنّ وقع الأزمات على الشعوب يكون بصفة عامة ضخما ثم يتضائل بمرور الوقت مشيرا إلى أنّ العمليات الإرهابية على سبيل المثال في تونس أو خارجها كانت في السنوات الماضية تثير موجات الإستنكار والهلع ثم تدريجيا لم تعد أخبار التفجيرات والهجمات الدامية تثير ردة الفعل ذاتها.
وأضاف محدّثنا أنه على قياس ذلك فإن الوباء عند ظهوره في تونس العام الماضي تسبب في ذعر المواطنين باعتبار خصائصه المجهولة وندرة المعلومات العلمية الدقيقة حوله ومع مرور الوقت أصبح هناك نوع من التطبيع مع الوضعيّة.
وفسّر أنّ لا أحد كان يعلم مدّة بقاء الفيروس معنا وكان هناك أمل في التخلّص منه في عضون أسابيع أو حتى أشهر لكنه واصل الانتشار في شكل موجات مما أدّى إلى ضجر المواطنين وبالتالي عدم قدرتهم النفسية والمادية على مزيد تحمّل إجراءات الغلق والمنع.
ليس استثناءً تونسيّا
أوضح أخصائي علم النّفس نعمان بوشريكة، أنّ حالة الإنفلات التي تعيش على وقعها تونس قد تُنسخ لدى الشعوب الأكثر تحضّرا ففي غياب الردع والقوانين والجانب الإلزامي والصرامة في تطبيق الإجراءات من قبل الدولة لن يكون هناك انخراط جماعي في محاربة الفيروس.
وأضاف أنّ الدولة التونسية لم تتوخى طيلة الفترات الماضية سياسة اتصالية ناجعة تظهر من خلالها لعامة الشعب والفئات الأكثر تضررا قدرتها على فرض القانون عبر الخطايا الماليّة أو غيرها من العقوبات كما أنّ الجهاز التنفيذي للدولة لم يبرز في مقاومة الوباء بقدر بروزه في الحوادث العنيفة والانتهاكات لحقوق الإنسان مما خلق حالة تمرّد نسبي على الدولة وقانونها في فترة حساسة.
وأكّد قلّة الثقة في السلطة أدت إلة انعدام الثقة في التلاقيح التي تستوردها في علاقة بالنجاعة والسلامة من الأعراض الجانبيّة